صارت البراهمة والصابئة إلى القول باستحالة النبوات عقلا وصارت المعتزلة وجماعة من الشيعة إلى القول بوجوب وجود النبوات عقلا من جهة اللطف وصارت الأشعرية وجماعة من أهل السنة إلى القول بجواز وجود النبوات عقلا ووقوعها في الوجود عيانا وتنتفي استحالتها بتحقيق وجودها كما ثبت تصورها بنفي استحالتها.
فقالوا: بم يعرف صدق المدعي، وقد شاركناه في النوعية والصورة بنفس دعواه، وقد علم أن الخبر محتمل للصدق والكذب بدليل آخر يقترن به، وذلك الدليل إن كان مقدورا له فهو أيضا مقدورنا، وإن لم يكن مقدورا له ولكنه مقدور بقدرة اللّه تعالى، فلا يخلو إما أن يكون فعلا معتادا ولا يختص ذلك بهذا المدعي، فلا يكون دليلا وإن كان فعلا خارقا فمن أي وجه يدل على صدقه والفعل من حيث هو فعل لا يدل على الاختصاص بشخص معين سوى اقترانه بنفس دعواه وللاقتران أسباب أخر محتملة كما لخرق العادات أحوال مختلفة وإذا احتملت الوجوه عقلا لم تتعين جهة الدلالة فانحسم باب الدليل من كل وجه أما نفس الاقتران فربما لا يتفق في بعض الأحوال إذ الفعل فعل اللّه تعالى، وهو منوط بمشيئته، فكيف يوجب المدعي على اللّه فعلا يفعله في
(1) انظر: غاية المرام في علم الكلام للآمدي (ص 315) ، والجواب الصحيح لابن تيمية (2/ 24، 30) (3/ 461) (5 - 6/ 428) ، الفرق بين الفرق للبغدادي (ص 14) ، والفصل في الملل والنحل لابن حزم (1/ 10، 56، 63) ، والملل والنحل للمصنف (2/ 60، 250، 251) ، وفضائح الباطنية للغزالي (ص 40، 42) ، والتعرف للكلاباذي (ص 72) ، ومنهاج السنة النبوية لابن تيمية (ص 11، 19، 37) ، والعقيدة الأصفهانية (ص 31، 138، 188، 194، 195) ، وبيان تلبيس الجهمية لابن تيمية (1/ 140، 162، 254) (2/ 135) ، وأعلام النبوة للماوردي (ص 22، 25، 26، 29، 49 - 54، 93، 96) ، والمواقف للإيجي (3/ 329، 331) ، وأصول الدين (ص 119) ، لمع الأدلة للجويني (ص 123) ، والغنية في أصول الدين للنيسابوري (ص 55) ، والتمهيد للباقلاني (ص 174) ، وإيثار الحق على الخلق لمحمد القاسمي (ص 21، 36، 65، 70، 77، 83، 85، 229، 268، 396) .