الصفحة 240 من 392

بسم الله الرحمن الرحيم، قول المصنف -عليه رحمة الله-: (ومن عاقبه الله -تعالى- بناره أخرجه منها بإيمانه، فأدخله به) أي: أدخله بإيمانه (جنته قال -تعالى-: ?فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ?7 [الزلزلة: 7] ) الكلام هنا على مسألة الفاسق الملي وهو مرتكب الكبيرة الذي مات دون أن يتوب منها، فمذهب أهل السنة، وهو المذهب الأثري الصحيح الذي عليه أهل الأثر، والسلف الصالح- رضي الله تعالى عنهم جميعًا- من الصحابة والتابعين وتابعيهم وكان عليه الأئمة الأعلام وجرى عليه أهل الخير والصلاح والعلم والهداية والتوفيق من هذا الزمن إلى زمننا هذا إلى أن يشاء الله -عز وجل-: أن مرتكب الكبيرة متروك أمره إلى الله -عز وجل- إن شاء عفا عنه ابتداءً وهذا بفضله وجوده وإحسانه، وإن شاء ربنا -سبحانه وتعالى- آخذه بذنبه ثم بعد ذلك يخرجه من النار بفضله ومنته وجوده. فهذا المذنب مرتكب الكبيرة عندما يُعاقب فإن الله -تعالى- لا يظلمه، فإن ربك ليس بظلام للعبيد، ?وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِن كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ? ?76 [الزخرف: 76] ، فربك -سبحانه وتعالى- عندما يعاقبهم إنما يعاقبهم بذنوبهم ?فَكُلاًّ أَخَذْنَا بِذَنْبِهِ? [العنكبوت: 40] ، فعقاب الله -تعالى- للمذنبين الذين لم يتوبوا من ذنوبهم إنما هذا عدله- سبحانه- وتفضله عليهم بعد ذلك بإدخالهم الجنة وإنجائهم من النار إنما هذا جوده وإحسانه ورحمته، فإن أحداً لن يدخل الجنة بعمله، كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام- وإنما يدخل الناس الجنة برحمة ربهم -سبحانه- كما ثبت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- والجنة لن يدخلها إلا نفس مؤمنة أو نفس مسلمة، كما صح بذلك الخبر عن رسول -صلى الله عليه وسلم- وقال الله -تعالى-: ?إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ? [المائدة: 72] أما المسلم فإن

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام