عنوان الفتوى : ليس للمتبنى أي حق في ميراث متبنيه
مشكلة عويصة جداً جداً مسألة تتعلق بالجنة أو النار، أشكركم جزيل الشكر على هذا البرنامج, ويشرفني الاتصال بك فضيلة الشيخ جزاك الله كل خير... أما بعد: أنا رجل متزوج ولي ولد, توفي أبي ورثت منه البيت بنسبة 7/8 وأمي ورثت 1/8 لأني الابن الوحيد لهذه الأسرة, قبل عام من هذا التاريخ عرفت الحقيقة بأني يتيم تبنتني هذه الأسرة, أخرجوني من ملجأ الأيتام نسبوني إليهم مع أن نسبي معروف، فضيلة الشيخ: هل يجوز لي شرعا أن أرث هذا البيت من هذا الأب الذي منحني لقبه (منتسب إليه) رغم أني لست من صلبه, إن كنت ليس لي الحق في الميراث ماذا أفعل، إن فقدت البيت أين أذهب أنا وعائلتي، فضيلة الشيخ هذا الأب لديه إخوة وأخوات، مع العلم بأنه كان في حياته دائما يقول لي هذا بيتك، أعرف أن التبني حرام لقوله تعالى: ادْعُوهُمْ لآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ. ورُوِيَ فِي الصَّحِيح عَنْ سَعْد بْن أَبِي وَقَّاص وَأَبِي بَكْرَة كِلَاهُمَا قَالَ سَمِعَتْهُ أُذُنَايَ وَوَعَاهُ قَلْبِي مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: مَنْ اِدَّعَى إِلَى غَيْر أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَم أَنَّهُ غَيْر أَبِيهِ فَالْجَنَّة عَلَيْهِ حَرَام. وَفِي حَدِيث أَبِي ذَرّ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُول: لَيْسَ مِنْ رَجُل ادَّعَى لِغَيْرِ أَبِيهِ وَهُوَ يَعْلَمهُ إِلَّا كَفَرَ. بعد قراءتي لهذين الحديثين أنا جد خائف لا أعرف ماذا أفعل، فهل أكمل على هذا اللقب غير أصلي، مع العلم بأن كل المستندات والأوراق (عقد الزواج, بطاقة إثبات الهوية, شهادات الدراسة, شهادات العمل......) كلها تحت هذا اللقب (النسب غير أصلي) وأصبح كافرا وأدخل النار، كما ورد عن رسول الله في هذين الحديثين، أم أغير وأعود لنسبي الصحيح وأغير كل ما يتعلق بالمستندات والأوراق (عقد الزواج, بطاقة إثبات الهوية, شهادات الدراسة, شهادات العمل......)، أهل الزوجة يقولون بأننا ( أنا وأمي غير الحقيقية) خدعناهم؟! مع العلم بأنني والله لم أعلم بالحقيقة إلا بعد الزواج لكن الأم تعلم وتعرف أنها أخذتني من ملجأ الأيتام وهي التي دفعتني لإرث البيت، فهل زواجي صحيح، ما حكم الشريعة الإسلامية في هذان الأبوين اللذين عوضوني عن الآباء الحقيقيين، فهل من كفارة إن أخطئا، أريد الأجوبة بالتفصيل جزأكم الله كل خير.. لأنها مسألة تتعلق بالجنة أو النار، بارك الله فيك فضيلة الشيخ وجزأكم الله عنا كل خير.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن التبني بالمعنى المذكور لا يجوز شرعاً -كما أشرت- ولا تترتب عليه الأحكام الشرعية للأبناء، وقد سبق بيان ذلك في عدة فتاوى منها الفتوى رقم: 9619، والفتوى رقم: 16663.
ولذلك لا يجوز لك إرث البيت المذكور ولا شيء من ممتلكات الرجل، وعليك أن تسلمها جميعاً إلى ورثته بما في ذلك البيت وذلك لما علمت، وبإمكانك أن تفاوض الورثة وتشرح لهم حالك لأن الحق حقهم والكلمة الأخيرة فيه لهم وحدهم، وإذا ثبت أن الرجل قد أوصى بشيء فإنه يكون في الثلث، وفيما يخص زواجك فإنه صحيح ولا حرج عليك فيما جرى فيه، ولكن عليك أن تدع الانتساب إلى هذا الرجل وتنتسب إلى أبيك الحقيقي ما دام معروفاً لما أشرت إليه من الأدلة الشرعية، وبخصوص المستندات فإذا استطعت تغييرها إلى الحقيقة فلا شك أن ذلك واجب سداً لذريعة الانتساب إلى غير أبيك، وإن لم تستطع فلا حرج عليك بالتعامل بها كما هي، وراجع لذلك الفتوى رقم: 7854، والفتوى رقم: 27155.
وأما الأسرة التي تبنتك فقد أحسنت من وجه تؤجر عليه وتشكر حيث آوتك وكفلتك، وأساءت من وجه حيث تبنتك، ونرجو الله تعالى أن يجعلهم من الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً فتاب الله عليهم وعفا عنهم، وليس عليهم كفارة محددة، وإنما عليهم التوبة والاستغفار والإكثار من أعمال الخير والطاعات، ونسأل الله تعالى التوفيق والصلاح للجميع.
والله أعلم.