عنوان الفتوى : حكم من صادر أرض شخص وبنى عليها
- فضيلة الشيخ سؤالي هو كما يلي - قبل ثلاثين عاماً من الآن كان والدي يستأجر محلاً في سوق يملكه شيخ المدينة ( العمدة ) التي كان يعيش فيها، وبعد سنوات قامت الحكومة بإرسال شخص يمثلها في تلك المدينة وأصبح ممثل الحكومة الشخص الأول في المدينة وطلبت الحكومة من التجار الذّين كانوا يدفعون إيجار المحلات لصاحب السوق وهو الشيخ المذكور، أن لا يدفعوا له شيًئا وحتى أنّ البعض كان يدفع له الإيجار سراً وبعد سنوات صدر قرار من الحكومة بهدم هذهِ المدينة بالكامل وبما فيها هذا السوق وبناء سوق ومنازل بمكان آخر للمواطنين وبعد أن تمّ البناء طلبت الحكومة من الناس الانتقال إلى المكان الجديد ، إذ أنّ الموضوع هو ، أنّ السوق الذي كان في المدينة القديمة والذي كان يملكه الشيخ المذكور كان فيه أربعون محلاً ولكن قامت الحكومة ببناء سوق في المكان الجديد وفيه ثمانون محلاً وقامت بتقسيمه على التجار الذين كانوا يستأجرون في السوق القديم وبقى أربعون محلاً فقامت بتقسيمه على التجار الذين كانوا يستأجرون محلات خارج السوق في المدينة القديمة وعلى بعض المواطنين الذين لم يكونوا مالكين ولا مستأجرين في المدينة القديمة ، مع أنّ الحكومة أعطت الشيخ مالك السوق 3 أو 4 محلات له ولأولاده، وبعد مضي سنة من الانتقال إلى المدينة الجديدة ، هاجر الشيخ وأولاده إلى دولة أخرى وحصل على جنسية تلك الدولة ، وبعد عشرين عاماً عاد الشيخ إلى بلده السابق ليطالب التجار الذين كانوا يستأجرون محلاته في السوق القديم أن يدفعوا له إيجاراً على المحلات التي ملكتهم الحكومة في السوق الجديد ، ورفض الجميع بأن يدفعوا له إيجاراً ، مع العلم أنّ قانون الدولة لا يسمح لأي شخص هاجر إلى دولة أخرى وحمل جنسيتها أن يرجع بعد سنوات ويطالب ببيتهِ أو محله وحسب قانون الدولة تُعتبر المحلات ملكاً للأشخاص الذين يمتلكونها حالياً ، وأنا فضيلة الشيخ أرسلت بسؤالي هذا لكي أعرف رأى الشرع في هذهِ المسألة إذ لا يهمني قانون الدولة إذا كان مخالفا لرأي الشرع ولو أدى ذلك لأن أفقد هذا المحل الذي وصلّ سعره إلى ما يقارب مليون ونصف ريال قطري ،هل هذا المحل وغيره يكون ملكاً للشيخ أم ماذا؟ معّ العلم أنّه منذ خمسة وعشرين عاماً المحل في حوزة والدي. وجزاكم الله خيراً
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أنه لا يجوز الاعتداء على مال الغير إلا بالحق، ولا فرق بين أن يكون المعتدي هو الدولة أو الأفراد، فكل ذلك ظلم وغصب، وهو من الدولة أشد لأن واجبها حماية أموال الناس لا الاعتداء عليها ونهبها تحت مبررات واهية.
وعليه، فقيام الحكومة بمنع الناس من دفع إيجارات محلات الشخص المذكور تصرف باطل لا ينبني عليه شيء، ويجب على المستأجرين دفع الأجرة إلى صاحب السوق، ولا تسقط هذه الأجرة بالتقادم ولو مر عليها سنون، فإن الحق لا يسقط بالتقادم.
وأما مسألة مصادرة أرض وبناء سوق الشيخ المذكور وهدمه ومن ثم البناء عليه وتوزيع المحلات بعد بنائها على الناس هكذا بدون رضى المالك فإن هذا ولا ريب عدوان وغصب ظاهر لا يحل للحكومة فعله، وما قامت به من البناء ونحو ذلك باطل، وإذا طلب المغصوب منه هدمه وإزالته هدم وأزيل فليس لعرق ظالم حق.
جاء في المغني: إذا غرس في أرض غيره بدون إذنه أو بنى فيها فطلب صاحب الأرض قلع غراسه أو بنائه لزم الغاصب ذلك ولا نعلم فيه خلافا .اهـ
وإن طلب تعويضا عن حقه أجيب وهذا التعويض يشمل قيمة ما تم هدمه، ويشمل كذلك أجرة هذه الدكاكين من يوم غصبها إلى وقت تسليمها للمغصوب منه سواء استوفى الغاصب منافع المغصوب أو لم يستوف.
كما جاء المصدر السابق: على الغاصب أجر الأرض منذ غصبها إلى وقت تسليمها وهكذا كل ما له أجر. اهـ
هذا وإذا استأجر هذه المنازل أو الدكاكين التي أقيمت على أرض المغصوب منه مستأجر فإن للمالك مطالبته بالأجرة من يوم استقرار يد المستأجر عليها لأنه والحال هذا أحد الغاصبين.
وبالنسبة للقانون الذي يصادر أموال الناس وممتلكاتهم تحت مسميات وشعارات مختلفة كشعار البيت لساكنه أو تحت مسمى الاشتراكية ونحو ذلك فهو قانون باطل ولا يعتد به.
والله أعلم.