عنوان الفتوى : أركان توبة المرتد
هل يجب الندم للعودة للإسلام بعد الردة؟ أريد آراء كل العلماء. جزاك الله خيرا.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالندم هو ركن التوبة الأعظم، كما بيناه في الفتوى: 397858. ولا نعلم خلافا بين العلماء في كون الندم ركن في التوبة؛ سواء في التوبة من الردة، أو غيرها من الذنوب.
قال النووي في شرح مسلم: وَأَصْلُهَا النَّدَمُ، وَهُوَ رُكْنُهَا الْأَعْظَمُ. اهــ، وقال الحافظ ابن حجر في الفتح عن حديث: الندم توبة. -والحديث رواه أحمد ــ قال: الْمَعْنَى الْحَضُّ عَلَيْهِ، وَأَنَّهُ الرُّكْنُ الْأَعْظَمُ فِي التَّوْبَةِ. اهــ.
وقال الحافظ العراقي في طرح التثريب: وَلَهَا ثَلَاثَةُ أَرْكَانٍ: الْإِقْلَاعُ عَنْ الْمَعْصِيَةِ، وَالنَّدَمُ عَلَى فِعْلِهَا، وَالْعَزْمُ عَلَى أَنْ لَا يَعُودَ إلَيْهَا. اهــ.
وتوبة المرتد -فيما بينه وبين الله- أركانها ثلاثة، الدخول في الإسلام، والندم على الردة، والعزم على عدم العودة إليها، ولا يتصور أن يكون تائبا من الردة، وهو غير نادم عليها، بل الندم على الردة ينبغي أن يكون أعظم من الندم على ما دونها من الذنوب؛ لأن جرم الكفر أعظم، فيكون الندم عليه أكبر.
وقد ذكرنا في الفتوى المشار إليها أولا كلام ابن القيم في بيان أنه كلما عظمت الجناية، كان الندم أشد، وانظر الفتوى: 411562. في الندم المأمور به في التوبة، والفتوى المحال عليها فيها في بيان كيفية تحقيق الندم.
ومما جاء في توبة المرتد، والندم على الردة ما رواه النسائي وغيره عَن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْلَمَ ثُمَّ ارْتَدَّ وَلَحِقَ بِالشِّرْكِ، ثُمَّ تَنَدَّمَ فَأَرْسَلَ إِلَى قَوْمِهِ، سَلُوا لِي رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: هَلْ لِي مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَجَاءَ قَوْمُهُ إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالُوا: إِنَّ فُلَانًا قَدْ نَدِمَ، وَإِنَّهُ أَمَرَنَا أَنْ نَسْأَلَكَ: هَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟ فَنَزَلَتْ: {كَيْفَ يَهْدِي اللَّهُ قَوْمًا كَفَرُوا بَعْدَ إِيمَانِهِمْ} [آل عمران: 86] إِلَى قَوْلِهِ {غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران: 89]. فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ فَأَسْلَمَ.
والله أعلم.