عنوان الفتوى : الزواج من شعائر الدِّين ولا يجوز التلاعب به
السؤال
سافرت إلى إحدى الدول، وفي السفر وقعت لي فتنة النساء، فتبادر إلى ذهني أن أصارح الفتاة التي اصطحبتها إلى الشقة أن تقول لي: زوّجتك نفسي على مهر كذا وكذا؛ وفوجئت بالشاهدين، فقلت لها: وأنا قبلت الزواج منك، علمًا أنني لا أعرف عن البنت شيئًا سوى أنها من بائعات الهوى، والشاهدان موظفان في العمارة، فهل ما قمت به محرم، وغير صحيح؟ والذي اضطرني لذلك هو الخوف من الزنى، فهل هذا العقد حرام؟ علمًا أننا عندما تفارقنا قلت لها: أنت طالق، وهي وافقت بسبب المال، ومصارحتي لها أن ما قمت به هو الخوف من الحرام.
وإن كنت زانيًا، فأسأل الله أن يغفر لي. وإن كنت غير ذلك، فأرجو نصيحتي؛ لأنني قلق جدًّا. أفتونا مأجورين.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالنكاح شعيرة من شعائر الدين العظيمة، وصفه الله في كتابه بأنه آية من آياته الدالة على عظيم قدرته، وحكمته في خلقه، قال تعالى: وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ {الروم:21}، ووصفه أيضًا بأنه الميثاق الغليظ، فقال: وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا {النساء:21}.
فأمر بهذا المقام لا يجوز أن يكون محلًّا للتلاعب، خاصة وأنه متعلق بالفروج، وقد صانها رب العالمين، وجعل الأصل فيها الحرمة، فلا تستحل إلا وفقًا لمنهجه.
والنكاح له شروطه التي لا يصح إلا بها، وسبق وأن بيناها في الفتوى: 1766.
فكون هذه المرأة تزوّجك نفسها يعني فقدان شرط الولي.
فإن لم يشهد الشاهدان على هذا التزويج، فهذا يعني أن الزواج قد تم بغير وليّ، ولا شهود، وهذا من جنس الزواج المتفق على بطلانه.
وإن شهد هذان الشاهدان على الزواج حقيقة، وتوفرت فيهما الشروط التي يجب توفرها في الشاهدين، ومنها كونهما مسلمين عدلين، فهذا يعني أن الزواج قد تم بغير ولي، وهو من جنس المختلف في فساده، وهو زواج شبهة، وراجع لمزيد الفائدة، الفتوى: 160185، والفتوى: 76946.
والواجب عليك المبادرة إلى التوبة النصوح، وعدم العودة لمثل ذلك، وانظر الفتوى: 29785، ففيها بيان شروط التوبة.
والله أعلم.