عنوان الفتوى : أبدى إعجابه بفتاة فتركت خطيبها، فهل يستسمحها؟
السؤال
عندي استفسار، وأرجو منك أن تكتم علي سري.
سافرت إلى أوربا لاستكمال تعليمي، وهناك التقيت بإحدى الفتيات، وكانت مخطوبة، وبعد فترة تركت خطيبها.
أبديت إعجابي بها، وقربنا من بعضنا، ووقعنا في بعض المعاصي دون الزنا، ولكن ليس بالزنا (كالتقبيل وما أشبه ذلك) وهي كانت قبل أن تعرفني بريئة طاهرة، وعرضت أن أتزوجها لا بسبب ما وقع بيننا، ولكن لأني كنت أريد ذلك بالفعل؛ فرفض أهلها وأهلي على حد سواء، وذلك لأنها من غير الدولة التي أنا منها.
والآن أشعر بأشد الندم، وأبكي الليل مع النهار، على أنني انحرفت عن ديني، ووقعت في مثل هذه الخطيئة، وأحس بالذنب أكثر؛ لأنني أغويت إنسانا بريئا. ولا أدري هل كان إعلاني بإعجابي بها، سببا في تمسكها بترك خطيبها الأول أم لا؟ وهذا يزيد من حسرتي على أنني هدمت حياة إنسان آخر كان من الممكن أن تكون معه في الحلال.
يا شيخنا هل يجب علي الآن أن أطلب منها أن تغفر لي؟
وكما تعلم، النساء عاطفيات، ولا يمكن أن تغفر لأحد دمر حياتها.
أم أرجع عما أنا فيه، وأقطع علاقتي بها يعني يا شيخ هل لي من توبة؟
كما أرجو رجاء، بالله عليك يا شيخ ادع لي بالهداية والعودة إلى الحق والثبات عليه، والله إني في أمس الحاجة إلى دعاء الصالحين.
ملاحظة: هذه البنت صاحبة أفضال علي كثيرة، مع العلم أني ما زلت في هذه العلاقة.
آسف على لإطالة، وجزاك الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا شك في أن مثل هذه العلاقة بين الرجل والمرأة الأجنبية عليه محرمة، وباب من أبواب الفتنة، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 30003، والفتوى: 4220.
وقد أحسنت بندمك على ما كان بينكما من أمور محرمة، ولكن اجعل من الندم توبة، فالتوبة لها شروطها التي لا تصح إلا بها، والندم واحد منها، ولمزيد الفائدة، انظر الفتوى: 29785، ففيها بيان شروط صحة التوبة.
واعلم أن من تاب؛ تاب الله عليه، فأحسن الظن بربك، وأحسن العمل فيما يستقبل من الزمان، ولا تترك مجالا للشيطان ليوقعك في اليأس من رحمة الله سبحانه، قال تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ {الزمر:53}، وقال: وَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْأَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ {يوسف:87}.
ولا مؤاخذة عليك فيما كان من فسخ خطبتها حتى يثبت العكس؛ ففي القاعدة الفقهية التي أصلها الفقهاء،( الأصل براءة الذمة )، وهي تندرج تحت القاعدة الكبرى: ( اليقين لا يزول بالشك )، فلا تعتبر ظالما لها بمجرد إبدائك الإعجاب بها، فلا يلزمك استسماحها، وإن حملها ما أخبرتها به من إعجابك بها فهي الجانية على نفسها.
وإن أمكن إقناع أهلك وأهلها بالموافقة على الزواج؛ فهذا أمر حسن، ففي الحديث الذي رواه ابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لم ير للمتحابين مثل النكاح. وإن لم يتيسر الزواج؛ فابحث عن غيرها.
وراجع لمزيد الفائدة، الفتوى: 9360، ففيها بيان كيفية علاج العشق.
والله أعلم.