عنوان الفتوى : حكم النذر الواقع حال الردة أو تعليق النذر بالكفر
صديقي ارتد -والعياذ بالله-، وعندما نصحته، وبينت له سوء اعتقاده، قال لي: (نذر عليَّ أني كافر إذا تزوجت، أو استعملت مالي)، وقال ذلك تباهيًا بالكفر لا كرهًا، حيث بيَّن بقوله ذاك: أنه يفضّل أن يكون فقيرًا، بلا زوجة، ولا ولد، على أن يكون مسلمًا، وسخرية من قول الرسول: (من حلف بالكفر، فهو كما قال)، حيث كان يريد أن الكفر هو أعظم عنده.
ثم جاءني ذات يوم باكيًا نادمًا على فعله، وصار مواظبًا على العبادات، راجعًا لدِين الله، ولكنه كان يشعر بالحرج من استعمال ماله هذا، فضلًا عن كونه سيتزوج قريبًا، فهل يكفر إذا استعمل ماله؟ علمًا أنه نذر، ولم يحلف بالكفر، وهل يكفر إذا فعل حرامًا، نذر أنه كافر إذا فعله؛ رغبة في الكفر، لا فرارًا من ذلك الحرام؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فإذا ثبت فعلًا أن صاحبك قد ارتد عن دينه، ثم تاب، فليحمد الله تعالى الذي هداه، ورده إلى الإسلام، وليبشر بفضل الله، وسعة رحمته، وعظيم جوده وبره، وراجع للفائدة الفتوى: 161797.
وليستعمل ما شاء من ماله، ولا حرج عليه في ذلك، فما وقع منه من النذر حال كفره، فإنه لغو لا اعتداد به، عند الجمهور، فإن من شروط انعقاد النذر عندهم: الإسلام، جاء في الموسوعة الفقهية: يشترط إسلام الناذر؛ لأن النذر لا بدّ أن يكون قربة، وفعل الكافر لا يوصف بكونه قربة. وهذا مذهب الحنفية، والمالكية، وظاهر مذهب الشافعية. انتهى.
ثم لو افترضنا أن مسلمًا نذر الكفر، أو المعصية، أو علّق نذره بكفر، أو معصية، فلا يجوز له الوفاء به إجماعًا، ولا ينعقد، ولا يوجب كفارة، عند الجمهور، خلافًا لأبي حنيفة.
وإن كان الأحوط هو إخراج الكفارة، على مذهب أبي حنيفة؛ لحديث: لا نذر في معصية، وكفارته كفارة يمين.
وراجع في تفصيل ذلك الفتاوى: 289420، 180537، 157437، 20908.
والله أعلم.