عنوان الفتوى : التوبة من المال المسروق
كيف يتوب الشخص من المال المسروق الذي ليس له حق أو شبهة حق فيه ؟
بسم الله ، والحمد لله ، والصلاة والسلام على رسول الله ، وبعد :-
فلا يجوز لأحد أن يأخذ ما لا يحل له، سواء أكان سرقة أو غصباً أو اختلاساً أو تعدياً، لقوله تعالى: ( ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) [البقرة: 188] وقوله صلى الله عليه وسلم: ” إن دمائكم، وأموالكم، وأعراضكم، عليكم حرام، كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا ” متفق عليه.
وعن سعيد بن زيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” من أخذ شبراً من الأرض ظلماً طوقه من سبع أرضين” متفق عليه.
ويجب على من أخذ شيئاً بغير حق أن يرده إلى من أخذه منه، لقوله صلى الله عليه وسلم: ” على اليد ما أخذت حتى تؤديه” رواه أحمد وأبو داود والترمذي وقال حسن صحيح.
وإن كنت تخشين الفضيحة فعليك أن تحتالي بطريقة ما لإيصال المال إلى من يملكه، كأن ترسليه بحوالة باسم صاحبه، وتذكري بأنك في فترة ماضية أخذت هذا المال دون أن تذكري لهم اسمك أو نحو ذلك من الحيل التي تتوصل بها إلى رد الحق لأهله.
ورد المال إلى صاحبه من تمام التوبة ، ولا تحصل التوبة إلا بذلك.
يقول تعالى: (وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيَامَةِ فَلَا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ).
ويقول: (وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً)..
ويقول صلى الله عليه وسلم :( من كانت عنده مظلمة لأخيه من عرضه أو من شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه) رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ من حديث أبي هريرة.
وعلى ذلك فعلى من أخذ مالا من غير حق أن يردها لأصحابها عند التوبة ،ما داموا موجودين معروفين ، وإلا صرفت إلى ورثتهم ، ولا يكفي التصدق بها عنهم إلا عند العجز عن ردها ، كأن يكونوا غير موجودين أو غير معروفين ، وعليه فإذا كان بعض أصحاب هذه الحقوق لا يزال موجودا فعليه أن يرد هذه الأموال إليه، ولا مانع أن يكون ذلك على وجه الهدية مثلا، فليس شرطا أن يخبره بحقيقة الأمر، بل يمكنه أن يردها له موهما إياه أنه يهاديه. أو بغير ذلك من الصور التي يجدها ملائمة لحاله، فالمهم أن يصل نفعها إليهم. وأما التصدق بها عنهم مع إمكانية الوصول إليهم فلا يكفي في التوبة .
والتوبة إذا صدرت بهذه الشروط كانت مقبولة إن شاء الله ، وتلحق صاحبها بغير المذنب، ودليل ذلك ما رواه الطبراني وغيره من حديث أبي سعيد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (الندم توبة والتائب من الذنب كمن لا ذنب له).
على أن من سلب أموال الناس ثم لم يتب بردها إلى أهلها ، واكتفى بالصلاة والصيام فإنه سيحاسب يوم القيامة بقانون : (فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ) (وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) (الزلزلة : 7 – 8) يعني لت تضيع عليه صلاته، ولن يفلت من عقاب سيئته إلا بتفضل من الله عليه.