عنوان الفتوى : حكم هجر الأخ لأخيه الذي زنى بزوجته
هل إذا زنا الأخ بزوجة أخيه وتأكد أخوه من ذلك يلزم من ذلك أن يقاطع الأخ المزني بزوجته أخاه الزاني؟ وهل في ذلك قطيعة رحم؟ وهل يلزمه أن يعلمه أنه على علم بما حصل منه تجاه زوجته إن كان أخوه يظن أنه لا يعلم شيئا عن تلك الجريمة الشنعاء التي ارتكبها في حق أخيه؟ وجزاكم الله خيراً.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن الزنا ذنب عظيم وكبيرة من كبائر الذنوب، حذر القرآن منه أشد التحذير وتترتب عليه الكثير من المفاسد، وراجع فيه الفتوى رقم: 1602.
ويعظم جرم الزنى ويتأكد إثمه في انتهاك عرض من بينه وبين الزاني علاقة من قرابة، أو جوار ونحو ذلك وهو المظنون به أن يحفظ له عرضه لا أن يكون المعتدي عليه، وإذا ثبت لهذا الرجل زنا أخيه بزوجته فيجوز له هجره، بل قد يكون هجره واجباً لعظم جرمه ومعصيته، قال الشيخ ابن عثيمين كما في فتاوى نور على الدرب: إن كان في الهجر مصلحة، أو زوال مفسدة، بحيث يكون رادعاً لغير العاصي عن المعصية، أو موجباً، لإقلاع العاصي عن معصيته كان الهجر حينئذ جائزاً، بل مطلوباً طلباً لازماً، أو مرغباً فيه، حسب عظم المعصية التي هجر من أجلها، ودليل ذلك قصة كعب بن مالك وصاحبيه - رضي الله عنهم - وهم الثلاثة الذين خلفوا، فقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بهجرهم، ونهى عن تكليمهم، فاجتنبهم الناس، حتى إن كعباً ـ رضي الله عنه ـ دخل على ابن عمه أبي قتادة ـ رضي الله عنه ـ وهو أحب الناس إليه فسلم عليه فلم يرد عليه السلام، فصار بهذا الهجر من المصلحة العظيمة لهؤلاء الثلاثة من الرجوع إلى الله عز وجل والتوبة النصوح والابتلاء العظيم ولغيرهم من المسلمين ما ترجحت به مصلحة الهجر على مصلحة الوصل. انتهى.
ولا يعتبر ذلك قطيعة للرحم، وانظر الفتوى رقم: 125620.
وأما إعلامه بالأمر من عدمه فيرجع فيه إلى المصلحة، فإذا كان عدم إعلامه قد يفوت مصلحة هجره، فيكون إعلامه هو الأفضل، وإذا ثبت له زنا زوجته فلا يجوز له وطؤها حتى يستبرئ رحمها، وانظر الفتوى رقم: 97924.
والواجب الحذر من التساهل في دخول الرجال الأجانب على النساء ونحو ذلك مما قد يكون سبباً في حصول الفتن وانتشار الفواحش، وراجع الفتويين رقم: 58914، ورقم: 3335.
والله أعلم.