عنوان الفتوى : أمر الرجل زوجته بمقاطعة أختها خوفا من فسادها
عرفت أن سلوك أخت زوجتي منحرف، وهي متزوجة، ولها عدة علاقات بعدة أشخاص؛ فقمت منذ ثلاث سنوات بمقاطعتها أنا وزوجتي. فهل عليَّ أيُّ ذنب؛ لأني قاطعتها، وأمرت زوجتي بمقاطعتها، ولا تتحدثان نهائيا، ولا تأتي لنا، ولا نذهب لها، خوفا منها على بناتي وزوجتي؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنود أن نبين أولا أن الأصل حمل أمر المسلم على السلامة، حتى يثبت عنه خلافها، فلا يظن به سوء من غير بيِّنة، وقد قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ {الحجرات:12}.
وإن ثبت عن أخت زوجتك ما ذكرت، فهذا منكر عظيم، وفعل قبيح، أن تقدم امرأة أجنبية على إقامة علاقات آثمة مع رجال أجانب عنها، خاصة وأنها متزوجة، فهي بالإضافة إلى تفريطها في حق الله عز وجل، فهي مقصرة في حق زوجها، إذ الواجب عليها أن تحفظه في نفسها، قال تعالى: فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ{النساء:34}.
نقل أهل التفسير عن السدي، وغيره، أنه قال في معنى هذه الآية: أي تحفظ زوجها في غيبته في نفسها، وماله. اهـ.
وقال البخاري في كتاب التفسير من صحيحه: حافظات للغيب. صائنات لنفوسهن في غيبة أزواجهن، كما يصنها في حضرتهم. بما حفظ الله: كما أمر الله تعالى، ومقابلة لوصية الله تعالى بهن، وأمره الرجال بحفظهن، والإحسان لهن. اهـ.
فالواجب أن تنصح، ويبين لها سوء فعالها، ويمكن عند الحاجة أن تهدد بفضح أمرها وإخبار زوجها، فلعلها تخاف وتنتهي.
فإن فعلت، فالحمد لله. وإلا فينبغي إخبار زوجها ليتدارك الأمر، حتى لا يحدث ما لا تحمد عقباه.
ويجوز هجرها ما كانت مقيمة على المعصية، وهذا حيث رجي أن ينفعها الهجر وكانت مصلحته راجحة، فإن كانت مصلحته مرجوحة، وخشي أن يزيدها عنادا، فالأولى ترك الهجر والاستمرار في النصح، فالهجر يرجع فيه للمصلحة، كما سبق بيانه في الفتوى: 294091.
ويجوز لزوجتك هجرها بالضوابط السابقة، ولكن من غير أن تكون بينهما قطيعة؛ لأن بينهما رحما تجب صلتها.
قال القاضي عياض فيما نقله عنه العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري: وللصلة درجات بعضها أرفع من بعض، وأدناها ترك المهاجرة، وصلتها بالكلام ولو بالسلام، ويختلف ذلك باختلاف القدرة والحاجة، فمنها واجب ومنها مستحب، ولو وصل بعض الصلة ولم يصل غايتها لا يسمى قاطعا، ولو قصر عما يقدر عليه وينبغي له أن يفعله، لا يسمى واصلا. اهـ.
ولا حرج عليك في منعها من زيارتكم، أو منع زوجتك وأولادك من زيارتها خشية فسادها، ولكن تصلها أختها وبناتك بالقدر الذي تتحقق به الصلة، وتنتفي به القطيعة. وانظر لمزيد الفائدة، الفتوى: 237613.
والله أعلم.