عنوان الفتوى : حكم ترك صلة الرحم خشية الأذى والضرر
لي أربع عمات خارج البلد، وأنا يتيمة الأبوين منذ كان عمري 10 سنوات. فعند وفاة والدي سكنت عمتي الكبيرة في منزلنا، وقامت بأذيتنا بأذى نفسي كبير، وقامت بسرقة مالنا، وسافرت. وعمتي الصغرى رفضت السكن معنا، ومساعدتنا عندما كنا صغارا وبحاجة لها. ولي عمة ثالثة لا أعرف عنها شيئا منذ حياة والدي بسبب سكنها خارج البلد، ولا نتواصل معها. وعمتي الصغرى أتواصل معها عبر الهاتف، وأسأل عن أحوالهن منها. وإخواني قاموا بمقاطعة عماتي؛ لما سببنه من أذى نفسي لنا عندما كنا بحاجة لهن. ومنذ فترة قصيرة حاولت مساعدتهن بالمال لعلمي أنهن بحاجة إلى المال عن طريق عمتي التي أتواصل معها، ولكنهن رفضن مساعدتي لهن بالمال. وأنا دائما أسأل عن أحوالهن، وأبلغ سلامي لهن عن طريق عمتي التي أتواصل معها، وسامحتهن على الأذى الذي تسببن لنا فيه. ودائما أدعو لهن. فهل معنى هذا أني مقصرة، وقاطعة رحم حيث إني لا أستطيع محادثتهن بالهاتف؛ لأن فيه ضررا نفسيا علي؟ أفيدوني أفادكم الله؛ فإني أخاف الله، وأخاف أن أكون قاطعة رحم، ولا أعرف كيفية صلة الرحم للأقارب خارج البلد.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يزيدك حرصا على الخير، واعلمي أن المؤمن يصل قرابته وإن قطعوه، وأساؤوا إليه؛ فإن الصلة ليست مكافأة، كما قال صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، إنما الواصل الذي إذا قطعت رحمه وصلها. أخرجه البخاري.
ومن وصل ذوي رحمه المسيئين، فإن الله عز وجل يعينه عليهم، ويكفيه إياهم، فعن أبي هريرة، أن رجلا قال: يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت، فكأنما تسفهم المَلّ، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك. أخرجه مسلم . والمل: هو الرماد الحار.
وينبغي أن يُعلم أن ما توصل به الرحم خاضع للعرف؛ إذ لم يرد عن الشرع فيه حد معين، فتارة تكون الصلة بالمال, وتارة بالزيارة، أو غيرهما.
قال النووي: وأما صلة الرحم: فهي الإحسان إلى الأقارب على حسب حال الواصل والموصول، فتارة تكون بالمال، وتارة بالخدمة، وتارة بالزيارة, والسلام, وغير ذلك. اهـ. فالاتصال هاتفيا بذوي الرحم ليس واجبا في كل حال، بل يجب إن كان في العرف يعد ترك الاتصال قطيعة.
لكن إن كان الاتصال أو غيره من أنواع الصلة يترتب عليه ضرر محقق، فليس واجبا حينئذ.
قال ابن عبد البر: أجمعوا على أنه يجوز الهجر فوق ثلاث، لمن كانت مكالمته تجلب نقصاً على المخاطب في دينه، أو مضرة تحصل عليه في نفسه أو دنياه، فرب هجر جميل خير من مخالطة مؤذية. اهـ.
وراجعي للفائدة الفتويين: 133912 163457 .
والله أعلم.