عنوان الفتوى : قطيعة العم كقطيعة الأب
توفيت أمي، وأنا غير متزوجة، وأبي متوفى، ولي عم قاطع لصلته مع العائلة كلها دون سبب، بالرغم من سؤال الجميع عنه. فعن نفسي زرته قبل أن أحج، وكلمته هاتفيا (مرة واحدة فقط) وتقابلنا في وفاة عمي، وسلمت عليه، وذلك كان قبل عدة أشهر. بعد وفاة أمي لم يحضر الجنازة ولا العزاء. وبعد عدة أيام اتصل هاتفيا من رقم غريب، وكنت لا أرد على الهاتف وقتها. بعث لي رسالة أنه يريد أن يعزيني. صراحة لا أريد أن أتكلم معه في الوقت الحالي، فقد أصبحت وحيدة، وهو عمي لم يقف بجواري في وفاة أمي، ولم يؤد واجب العزاء، مع القطيعة السابقة والتي حاولت إنهاءها من قبل. هل يجب أن أكلمه؟ وإذا قمت بالحج هذا العام هل يجب أن أتصل به قبل السفر؟ وجزيتم خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأحسن الله عزاءك في أمك، ونسأل الله عز وجل لوالديك المغفرة والرحمة، ورفعة الدرجات في الفردوس الأعلى.
ولا يلزمك شرعا الاتصال بعمك قبل السفر، ولكن لا يجوز لك قطيعته؛ لأن في ذلك قطيعة للرحم.
وإن كان قد قصر في حقك، فلا تقصري أنت في حقه، خاصة وأنه عمك، وهو بمثابة الأب، روى مسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا عمر؛ أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه؟. أي مثله، يعني أصلهما واحد. فتعظيمه كتعظيمه، وإيذاؤه كإيذائه. كما في تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي.
ولا يجوز لك ترك الكلام معه لمجرد إرضاء نفسك، والغبن الذي تحسينه تجاهه، فإن ذلك موجب للوقوع في قطيعة الرحم، وهي كبيرة من كبائر الذنوب. وراجعي الفتوى: 13912.
وننصح بالسعي في إصلاح ذات البين، فذلك من أعظم القربات، وقد حث الشرع عليه، كما بيناه في الفتوى: 117937.
وإذا كان عمك هذا أقرب العصبات إليك، وهم أقاربك من جهة الأب، فهو وليك إن لم تكوني متزوجة وقدر لك الزواج، وراجعي لمزيد الفائدة، الفتوى: 22277. ثم إنك قد تحتاجين إليه في غير ذلك من المصالح، وهذا مما يؤكد أمر الإصلاح.
والله أعلم.