عنوان الفتوى : الواجب على ورثة من أعان غيره على فتح حساب ربوي
قام والدي بفتح حساب بنكيّ ربويّ لشخص آخر، ووضع ذلك الشخص مبلغًا من المال وديعةً بنكيةً، وظلّت سنوات، وذلك الشخص كان يحتاج تلك الوديعة مضطرًّا لإتمام إجراءات خاصة بشركةٍ سياحةٍ خاصةٍ به، وقام والدي بذلك مساعدة له، وبعد وفاة والدي، تم كسر (فك) الوديعة، وقمنا نحن -الورثة- بإعطائه المبلغ مضافًا إليه الفوائد الربوية، وهو يعتقد أن هذه الأموال حلال، أما نحن فلا، فهل على والدي إثم في ذلك؟ وإذا كان آثمًا، فهل يمكن التكفير عن هذا بإخراج مبلغ مساوٍ للفوائد الربوية من التركة، أم كيف يكون التكفير عن هذا الإثم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن فتح الحسابات في البنوك الربوية، إنما يجوز للحاجة، وعدم توفر البديل، مع عدم أخذ الشخص الفوائد الربوية لنفسه، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: إيداع المال في البنوك التي تتعامل بالربا، لا يجوز، وإن لم يؤخذ عليها فائدة؛ لما فيه من التعاون على الإثم، والعدوان، وقد قال الله تعالى: {وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}، إلا إذا خاف المسلم على ماله الضياع، ولم يجد سبيلًا إلى حفظه إلا إيداعه في بنك ربوي؛ فيرخص له في ذلك بلا فائدة على هذه الوديعة؛ ارتكابًا لأخف الضررين، وتفاديًا من أشدهما. اهـ.
فليس على والدك إثم في فتح الحساب في البنك الربوي لذلك الشخص، إن كان محتاجًا لفتح الحساب، ولم يكن والدك يعلم أنه سيأخذ الفوائد الربوية لنفسه، وإلا؛ كان والدك قد أعانه على محرم.
لكن على كل حال؛ لا يلزمكم إخراج مبلغ الفوائد عن أبيكم البتة -حتى لو تيقنتم أنه كان يعلم أن ذلك الشخص سيأخذ الفوائد الربوية لنفسه-؛ لأنه لم يأخذ شيئًا لنفسه، فلو كان عليه إثم، فإنما هو إثم الإعانة على المحرم لا غير.
وينبغي لكم أن تكثروا من الاستغفار لأبيكم، على كل حال، فهذا من البر به بعد موته، فقد أخرج أحمد، وابن ماجه -واللفظ له- عن أبي هريرة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الرجل لترفع درجته في الجنة، فيقول: أنى هذا؟ فيقال: باستغفار ولدك لك.
وراجع للمزيد حول بر الوالدين بعد موتهما الفتوى: 324796.
والله أعلم.