عنوان الفتوى : العتق بين الاستحباب وعدمه
إذا أعتق عبد بإحدى الوسائل المشروعة، فمن يتكفل بنفقته حتى يتمكن من إدارة حياته بعد أن كان سيده ينفق عليه؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالعتق من أفضل القربات وأحبها إلى الله تعالى، وذلك أن العبد إذا عتق يملك منافع نفسه ويتصرف في وجوه التصرف على الوجه الذي يريد، وهو حين يعتق فإنه يضرب في أرض الله الواسعة طلبا للكسب المباح، فيكفي نفسه، ويكون عضوا فاعلا في مجتمعه نافعا لأمته، وأما إذا كان العبد أخرق لا يستطيع التكسب، فلا يستحب عتقه والحال هذه؛ لأنه سيكون كلًّا على المجتمع، ولأن سيده إنما يعتقه إذن ليتخلص من نفقته الواجبة عليه، وقد أوضح ابن قدامة ما ذكرناه.
فقال في المغني: فصل : والعتق من أفضل القرب إلى الله تعالى؛ لأن الله تعالى جعله كفارة للقتل والوطء في رمضان والأيمان، وجعله النبي صلى الله عليه وسلم فكاكا لمعتقه من النار، ولأن فيه تخليصا للآدمي المعصوم من ضرر الرق وملك نفسه ومنافعه وتكميل أحكامه وتمكنه من التصرف في نفسه ومنافعه على حسب إرادته واختياره، والمستحب عتق من له دين وكسب ينتفع بالعتق، فأما من يتضرر بالعتق كمن لا كسب له، تسقط نفقته عن سيده، فيضيع أو يصير كلًّا على الناس، ويحتاج إلى المسألة فلا يستحب عتقه، وإن كان ممن يخاف عليه المضي إلى دار الحرب والرجوع عن دين الإسلام، أو يخاف عليه الفساد كعبد يخاف أنه إذا أعتق واحتاج سرق وفسق وقطع الطريق، أو جارية يخاف منها الزنا والفساد كره إعتاقه، وإن غلب على الظن إفضاؤه إلى هذا كان محرما، لأن التوسل إلى الحرام حرام. انتهى.
ثم إنه إن عتق العبد ولم يكن قادرا على التكسب، فإنه يعطى ما يكفيه من مال الزكاة أو غيره من موارد بيت مال المسلمين.
والله أعلم.