دم الاستحاضة سببه ركضة الشيطان
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
دم الاستحاضة سببُه ركضة الشيطانعن حمنة بنت جحش رضي الله عنها أنها شكت دم الاستحاضة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه يثج ثجًّا، فقال لها صلى الله عليه وسلم: «إنما هي ركضة من الشيطان"؛ رواه الترمذي برقم (128)[1].
وعن فاطمة بنت أبي حبيش أنها قالت: قد خشيت ألا يكون لي حظٌّ في الإسلام، وأن أكون من أهل النار، أمكث ما شاء الله من يومٍ أستحاض، فلا أصلي لله عز وجل صلاة، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما ذلك ركضة من الشيطان، أو عِرق انقطع، أو داء عرض لها)؛ رواه أحمد برقم (27631)[2].
معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إنما هي ركضة من الشيطان):
قال بدر الدين العيني: في "نخب الأفكار في تنقيح مباني الأخبار في شرح معاني الآثار" (2/309): قوله: (ولكنها ركضة)؛ أي: ولكن تلك الحيضة ركضة من الرحم، وأصل الركض الضرب بالرجل والإصابة بها، كما تَركض الدابةُ وتُصاب بالرِّجل.
والمعنى ها هنا: أن الرحم لما دَفعت تلك الحيضة لبَّست بها على صاحبتها في أمر دينها وطُهرها، حتى أَنْسَتها عادتها، وصار في التقدير كأنها ركضة من الشيطان، فكأنه قد وجد بذلك طريقًا إلى التلبيس عليها في أمر دينها وطُهرها وصلاتها، حتى أنساها ذلك عادتها، فصار في التقدير كأنه ركضة؛ اهـ.
قلت: وكلام العيني هذا فيه تأويل لظاهر الحديث، والأقرب منه:
قول العلامة العثيمين: في "فتح ذي الجلال والإكرام بشرح بلوغ المرام" (1/388): إن الشيطان قد يتسلَّط على الإنسان تسليطًا حسيًّا؛ لقوله: «إنما هي ركضة من الشيطان»، وهذا واقع، فالشيطان قد يُؤثر على الإنسان تأثيرًا حسيًّا، كما في فِعْلِه في الإنسان حين الولادة، فإن المولود إذا سقط خرج، فإن الشيطان يطعنه في خاصرته.
وكذلك أيضًا: من التسلُّط الحسي: إلقاء الخيالات في قلب الإنسان، وأحيانًا في بصره، يرى ويشاهد أشياءَ لا حقيقة لها، من أجل أن يُدخل عليه الروع والخوف والحزن، وقد أشار الله تعالى إلى هذا في قوله:﴿ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ وَعَلَى اللهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴾ [المجادلة: 10].
والآية التي سُقتها الآن تدلُّ على أن الشيطان قد يُباشر أذيَّة الإنس، وقد يُسلط أعداءه على أذيته؛ لأن الذين يتناجون ليسوا شياطين، هم بنو آدم، لكن يتناجون من أجل أن يُحزنوا المؤمنين، وذلك بأمر الشيطان؛ اهـ.
[1] حسنٌ: راجع: "صحيح وضعيف الترمذي" ـ عقب الرقم المذكور أعلا ـ والله أعلم.
[2] صحيحٌ لغيره: راجع: "تحقيق المسند" (45/ 602)، والله أعلم.