شبح
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
رسالة من لبنان الى ابنائه المهاجرين قالها في حفلة | |
بأبي خيال لاح لي متلفّفا | بعياءة من عهد فخر الدين |
يمشي على مهل ويرسل طرفه | في حيرة المستوحش المحزون |
من أنت يا شبحا كئيبا صامتا؟ | قل لي فإنّك قد أثرت شجوني |
أخيال خصم أتّقي نزواته؟ | أم أنت ، يا هذا، خيال خدين؟ |
فأجابني مترفّقا متحبّبا | فسمعت صوت أب أبرّ حنون |
... | |
يا شاعري قل للألى هجروني | أنا ما نسيتكم فلا تنسوني |
ما بالكم طوّلتم حبل النوى | يا ليت هذا الحبل غير متين |
قد طفتم الدنيا فهل شاهدتم | جبلا عليه مهابني وسكوني؟ |
أوردتم كمناهلي ؟ أنشقتم | كأزاهري في الحسن والتلوين؟ |
ولقد تظلّلتم بأشجار فهل | رفّت غصون فوقكم كغصوني؟ |
وسمعتم شتّى الطيور صوادحا | أسمعتم أشجى من الحسّون؟ |
هل أنبتت كالأرز غيري بقعة | في مجده وجلاله الميمون؟ |
أرأيتم في ما رأيتم فتنة | كالبدر حين يطلّ من صنّين؟ |
أو كالغزالة وهي تنقض تبرها | عند الغيب على ذرى حرمون؟ |
مرّت قرون وانطوت وكأنني | لمحاسني كوّنت منذ سنين |
أبليتها وبقيت ، إلاّ أنّني | للشوق كاد غيابكم يبليني |
... | |
لبنان! لا تعذل بنيك إذا هم | ركبوا إلى العلياء كلّ سقين |
لم يهجروك ملالة لكنّهم | خلقوا لصيد اللؤلوّ المكنون |
ورثوا اقتحام البحر عن فينقيا | أمّ الثقافة مصدر التمدين |
لّما ولدتهم نسورا حلّقوا | لا يقنعون من العلى بالدون |
والنسر لا يرضى السجون وإن تكن | ذهبا، فكيف محاسن من طين؟ |
ألأرض للحشرات تزحف فوقها | والجوّ البازي وللشاهين |
فأجابني والدمع ملء جفونه | كم ذا تسلّيني ولا تسليني؟ |
أنا كالعرين اليوم غاب أسوده | وتفرّقوا عنه لكلّ عرين |
ألأرمنّي على سفوحي والربى | يبني الحصون لنفسه بحصوني |
وبنو يهوذا ينصبون خيامهم | في ظلّ أوديتي وفوق حزوني |
وبنّي عنّي غافلون كأنّني | قد صرت في الأشياء غير ثمين |
أنتم ديون لي على آميركا | ومن المروءة أن تردّ ديوني |
أو ليس من سخر القضاء وهزته | أن يأخذ المثرى من المسكين؟ |
عودوا فإنّ المال لا يغنيكم | عنّي، ولا هو عنكم يغنيي |
...فشجيت مّما قاله لكنّني | لّما رأيتكم نسيت شجوني |
لبنان فيكم ماثل إن كنتم | في مصر أو في الهند أو في الصين |
إن بنتم عنه فما زال الهوى | يدنيكم منه كما يدنيني |
وحراككم لعلائه وسكونكم | وإلى ثراه حنينكم وحنيني |
لو أمست الدنيا لغيري كلّها | ورباه لي ما كنت بالمغبون |
أنا في حمالكم طائر مترنّم | بين الأقاح الغضّ والنسرين |
أنتم بنو وطني وأنتم إخوني | وأنا امرؤ دين المحبّة ديني |