أرشيف المقالات

واستعن بالله

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
واستعن بالله
 
الاستعانة هي طلب العون أو الإعانة، وحاجة العبد إنما تكون بالاستعانة بالله دون ما سواه، قال ابن رجب رحمه الله في جامع العلوم والحكم:
"وأما الاستعانة بالله عز وجل دون غيره من الخلق، فلأن العبد عاجزٌ عن الاستقلال بجَلْب مصالحه ودفع مضارِّه، ولا مُعين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل، فمَن أعانه الله فهو المُعان، ومَن خذله الله فهو المخذول، وهذا تحقيق قوله: (لا حول ولا قوة إلا بالله)، وهذه كلمة عظيمة، وهي كَنزٌ من كنوز الجنة، فالعبد محتاج إلى الاستعانة بالله في فعل المأمورات، وترك المحظورات، والصبر على المقدورات كلها؛ في الدنيا، وعند الموت، وبعده من أهوال البرزخ ويوم القيامة، ولا يقدر على الإعانة على ذلك إلا الله عز وجل، فمن حقَّق الاستعانة عليه في ذلك كله، أعانه، وفي الحديث الصحيح: ((احرِصْ على ما ينفعُك، واستَعِنْ بالله ولا تَعجِزْ))؛ (صحيح مسلم2664)"؛ اهـ.
 
والاستعانة بالله عز وجل عبادةٌ من العبادات القلبية، بل هي من أجلِّ العبادات وأفضلها، وقد أمر الله بها عبادَه؛ قال الله تعالى في قصة موسى عليه الصلاة والسلام عندما نصَح قومه: ﴿ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا ﴾ [الأعراف: 128].
 
وإذا كانت الاستعانة بالله عبادةً، إذًا فلا يجوز صرفها لغير الله تعالى، كغيرها من أنواع العبادات، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إذا سألتَ فاسألِ الله، وإذا استعنتَ فاستعِنْ بالله))؛ الترمذي 2516.
 
دليل الاستعانة:
• قوله تعالى: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، تقديم الضمير المنفصل (إياك)، الذي هو في محل نصب مفعول به، على الفعل (نعبد)، يفيد الحصر والقصر والاختصاص؛ أي: إن هذه العبادة خاصة بالله وحده.
 
• قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((فاستعن بالله))، وكل ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم هو داخل في العبادة، والعبادة حق لله عز وجل، ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].
هل تجوز الاستعانة بغير الله؟ ومتى ذلك؟
وما هي أنواع الاستعانة بغير الله؟ وما هو حكم كل نوع منها؟
 
أقسام الاستعانة





الاستعانة بالله


الاستعانة بغير الله




وهي الاستعانة المتضمنة لكمال الذل من العبد لربه، وتفويض الأمر إليه، واعتقاد كفايته.
فيكون فيها الاعتماد على الله تعالى، مع الثقة به في تحصيل مطلوب العبد.
حكمها: عبادة لا يجوز صرفها لغير الله، ومَن صرفها لغير الله تعالى فقد أشرك الشرك الأكبر.
دليلها: ﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5].
وجه الدلالة من الآية على عدم جواز صرف هذه العبادة (الاستعانة) لغير الله:
قوله تعالى: ﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5] ، تقديم الضمير (إياك) على الفعل ﴿ نَسْتَعِينُ ﴾ [الفاتحة: 5]، وتقديم ما حقه التأخير يُفيد الحصر والقصر والاختصاص؛ أي: إفراد الله وحده بهذه العبادة ولا يجوز صرفها لغير الله.


1) الاستعانة بالمخلوق على أمرٍ لا يقدر عليه إلا الله.
• حكمها: شرك أكبر.
• كأن يسأل مخلوقًا - سواء كان حيًّا حاضرًا أو ميتًا أو غائبًا - يسأله أن يُعينه على تدبير أموره أو إصلاح حاله مع الله.
2) الاستعانة بالمخلوق على أمرٍ يقدر عليه المخلوق.
• حكمها: جائزة.
• مثال: أن يستعين بشخص ليحمل معه متاعه.
• إلا إذا كانت على إثم، فتكون محرَّمة؛ لقوله تعالى: ﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾ [المائدة: 2].
• شروطها:
1- أن يكون هذا المخلوق حيًّا حاضرًا قادرًا.
2- ألا يعتمدَ بقلبه على هذا المخلوق، فإذا استعان بالمخلوق فيما يقدر عليه لا بد أن يعتمد بقلبه على الله، فتكون الاستعانة بالمخلوق في الظاهر، أما اعتماد القلب، فيكون على الله.
3- الاستعانة بالأموات والغائبين.
• حكمها: شرك أكبر.
• مثال: كمَن تعطلت سيارته، فقال: (يا بدوي، أعنِّي)، أو (يا جن، أعينوني).





 
وكل إنسان في حاجة دائمة إلى عون الله في كل أحواله وفي كل أمور دينه ودنياه، فلا يستطيع أحدٌ القيام بحق الله تعالى إلا بالاستعانة به سبحانه، وكان صلى الله عليه وسلم يقول: (اللهم أعنِّي على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك).


اللهم اجعلنا ممن يتوكلون عليك حق التوكل، ويستعينون بك حق الاستعانة.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣