الشاعر والكأس
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
بات والكأس في الظلام | في حديث ولا كلام |
هي في صمتها تضيء | وهو في صمته يضام |
شاعر أنفق الصّبا | من غرام إلى غرام |
ذاهل النفس بالرؤى | عن حطام وذي حطام |
وعن الفقر والغنى ، | وعن الحرب والسلام |
بالشفاه التي طفا | بين أهدابها الأوام |
بالغواني تطيعه | والغواني لها احتكام |
بالشّذى وهو فائح، | والشذى وهو بالكمام |
بالسحاب الذي يسحّ | وبالخادع الجهام |
بالأغاريد ، والبلابل، | والنور، والخزام |
حوله الكون في وغى | وهو والكون في وئام |
ما له الآن وحده | ساكن العرق كالنيام |
ساهر غير أنه | خادر الروح والعظام |
صامت مثل كتبه | وكدنيا بلا أنام |
أترى عضّه الطوى؟ | لا، ففي بيته طعام |
لم تزل كأسه لديه | وفي كأسه مدام |
وله تضحك البروق | ويبكي الحبا السجام |
وله ترتعي الكواكب | في مسرح الظّلام |
وله تلبس الرّبى | برد النور والغمام |
وله يعبق الشّذى ، | وله تعصر المدام |
وله يلمع النّدى ، | وله يسجع الحمام |
وله الغادة المليحة | والفارس الهمام |
كلّها ، كلّها له | وعلى غيره حرام |
وهو ساه كأنما | بسواها له مرام |
وجهه غير وجهه | أم على وجهه لشام |
كالتماثيل حوله | من نحاس ومن رخام |
لا اكتئاب ولا رضّى | لا بكاء ولا ابتسام |
ليله ما أمرّها | ليلة اليأس ألف عام |
بقي الحسن إنما | مات في الشاعر الهيام |
فإذا الكون عنده | جدث كلّه رمام |