أرشيف المقالات

الحرية ليست بالخروج عن أمر الله

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
الحرية ليست بالخروج عن أمر الله


حقيقة الحرية هي التجرد من عبودية كل أحد إلا الله، وفهْمُ الحرية بأنها الخروج عن أمر الله؛ فهْمٌ باطل، وهذا شرك بالله وتقديس للنفس وما تهواه، وتقديم لشهواتها على مراد الله وأمره، وهذه عبودية للنفس وجعلها شريكا لله، قال الله تعالى: ﴿ أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ ﴾ [الجاثية: 23].
 
فمن سوَّغ لنفسه أو لغيره أن يقول أو يفعل ما يشاء فقد أقر بعبوديته لهواه وشيطانه، وهذا أضل الناس كما قال سبحانه: ﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [القصص: 55]، فالإنسان خُلق عبدا لله يجب عليه أن يطيعه في أمره ونهيه، فإن لم يعبد الله ولم يطعه في أمره ونهيه فهو عبدٌ لغيره.
 
والحرية في الإسلام مقيدة بأن تفعل ما تشاء مما لم يحرمه الله، وبهذا تنضبط الحياة، ويأخذ كل ذي حق حقه، ولا يظلم أحد أحداً، ولا يؤذي أحد أحداً، فيأخذ كل إنسان حقه من المباح ولا يضر غيره ولا يضر حتى نفسه، فليس من الحرية أن تضر نفسك أو تضر غيرك، روى أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا ضرر ولا ضرار "، فالضرر يزال شرعاً، ولا تقر الشريعة إدخال الضرر على النفس أو على الغير.
 
فليس من الحرية أن يسرق من شاء ما شاء فيعيش الناس فوضى في خوف وقلق، وليس من الحرية أن يزني الرجال والنساء فتفسد الأخلاق وتختلط الأنساب ولا يأمن أحد على عرضه ولا يتيقن مِن ولده، فتُنزع الرحمة والشفقة بين الآباء والأولاد، وتتفكك الأسر، ويعيش المجتمع في سعار الشهوة والأمراض الجنسية والنفسية والمشاكل الاجتماعية، وليس من الحرية التعامل بالربا فيزداد الغني غنًى بلا عمل، ويزداد الفقير فقرا بلا أمل، ويبقى المال دُولة بين كبار الأغنياء يبتزون جهود المساكين ويستغلون حاجتهم ويأكلون أموالهم بالباطل ظلماً وبغياً.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢