تحرك اللحد !..
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
كِلُوا إلى الغَيبِ ما يأتي به القَدَرُ | واستَقبلوا يومَكُمْ بالعزمِ وابتدروا |
وصَدِّقُوا مُخْبِراً عن حُسْنِ مُنْقلَبٍ | وآزِرُوه عسى أنْ يَصْدُقَ الخَبَرُ |
لا تَتْرُكوا اليأسَ يَلقى في نُفوسكم | لَه مَدَبَّاً ولا يأخُذْكُمُ الخَوَر |
إنَّ الوساوِسَ إنْ رامَتْ مَسارِبَها | سَدَّ الطريقَ عليها الحازِمُ الحَذِر |
تَذكَّروا أمس واستوُحوا مَساوئهُ | فقدْ تكونُ لَكُمْ في طَيَّه عِبَر |
مُدُّوا جَماجِمَكمْ جِسراً إلى أملٍ | تُحاوِلونَ وشُقُوا الدربَ واخْتَصِروا |
وأجمِعوا امرَكُم يَنْهَضْ بسعيِكُمُ | شَعبٌ إلى هِمَمِ الساعينَ مُفْتَقِر |
إنَّ الشبابَ سِنادُ المُلْكِ يَعضُدُهُ | أيّامَ تُوحِدُهُ الأرزَاءُ والغِيَر |
أتتْكُمُ زُمرةٌ تحدو عزائِمَها | ما خَلَّفت قَبلها من سيّيءٍ زُمَر |
ألفتْ على كلِّ شبرٍ من مَسالكها | يلوحُ مما جَنى أسلافُها أثر |
مُهمةٌ عظُمت عن انْ يقوم بِها | فردٌ وأن يتحدَّى امرَها نفر |
ما إن لكُم غيرَهُ يومٌ فلا تَهنوا | وقد أتتكم بما تخشونه نُذُر |
طالتْ عَمايةُ ليلٍ ران كَلْكَلُه | على البلادِ وإنَّ الصُبْحَ يُنتظر |
وإنما الصُبحُ بالأعمال زاهيةً | لا الوعدُ يُغري ولا الأقوالُ تنتَشِر |
وأنتَ يا بن " سليمانَ" الذي لَهِجتْ | بما جَسرتَ عليه البدوُ والحضر |
الكابتُ النفسَ أزماناً على حنَقٍ | حتى طغى فرأينا كيفَ ينفجر |
والضاربُ الضربةَ لصَدمتِها | لحمُ العُلوج على الأقدام ينتثر |
هل ادَّخرتَ لهذا اليوم إهبَته | أم أنت بالأجل الممتَّدِ مُعتذر |
أقدَمتَ إقدامَ من لا الخوفُ يمنَعُهُ | ولا يُنَهنِهُ مِن تَصميمهِ الخطر |
وحَسْبُ امرِك توفيقاً وتوطئةً | أنَّ الطُغاةَ على الأعقابِ تَندحر |
دبَّرتَ أعظمَ تدبيرٍ وأحسنَه | تُتلى مآثِرُهُ عُمراً وتُدَّكر |
فهل تُحاوِل ان تُلقي نتائِجه | يأتي القضاءُ بها أو يَذْهب القَدَر |
وهل يَسُرُك قولُ المُصطلين به | والمُستغِلين أنَّ الأمرَ مبتَسَر |
وأنَّ كُلَّ الذي قد كانَ عِندَهم | على التبدل في الأسماءِ مُقْتَصر |
وهل يَسُرُك أن تخفي الحُجُولُ به | ما دامَ قد لاحتِ الأوضاحُ والغُرَر |
أُعيذُ تلك الخُطى جَبَّارةً صُعِقَت | لها الطواغيتُ وارتجَّت لها السُرُر |
أنْ يَعتري وقْعَها من رَبكةٍ زَللٌ | أو أن يثبِّط من إقدامها الحَذَر |
ماذا تُريد وسيفٌ صارِمٌ ذَكرٌ | يحمي الثغورَ و أنتَ الحيَّة الذَكر |
والجيشُ خلفَك يُمضي مِن عزيمتهِ | فَرطُ الحماسِ ويُذكيها فتَستعِر |
أقدِمْ فأنتَ على الإقدامِ مُنطَبِعٌ | وأبطُشْ فأنت على التنكيل مُقتدر |
وثِقْ بأن البلادَ اليومَ أجمعَها | لما تُرجيِّه مِن مسعاك تَنتظِر |
لا تُبقِ دابِرَ أقوامٍ وتَرْتَهم | فَهم إذا وَجدوها فُرصَةً ثأروا |
هُناك تنتظِرُ الأحرارَ مَجزرةٌ | شنعاءُ سوداءُ لا تُبقي ولا تَذَر |
وثَمَّ شِرذِمةٌ الفَتْ لها حُجُباً | من طُولِ صَفحٍ وعَفوٍ فهي تَستَتر |
إنّي أُصارِحك التعبيرَ مُجترئاً | وما الصريحُ بذي ذَنبٍ فَيعتذر |
إن السماءَ التي ابديتَ رَونَقها | يومَ الخميس بدا في وَجهها كَدَر |
تَهامَسَ النفَرُ الباكون عَهدَهُم | أن سوفَ يرجِعُ ماضيهم فَيزدِهر |
تَجري الأحاديثُ نكراءً كعادتِها | ولم يُرَعْ سامرٌ مِنهُم ولا سمر |
فحاسبِ القومَ عن كلِّ الذي اجترحوا | عما أراقوا وما اغتلوا وما احْتَكروا |
للآن لمْ يُلغَ شبرٌ من مَزارعِهم | ولا تَزحزح مّمِا شيَّدوا حَجر |
ولم يزل لهمُ في كلِّ زاويةٍ | مُنوِّهٌ بمخازيهم ومُفَتخر |
وتلكَ لِلحرَّ مأساةٌ مُهيَّجةٌ | يَدمى ويدمعُ منها القلبُ والبصَر |
فضيِّقِ الحبلَ واشدُدْ مِن خناقِهُمُ | فَربَّما كانَ في إرخائه ضَرر |
ولا تَقُلْ تِرَةٌ تبقى حَزازتُها | فَهُمْ على أيِّ حالٍ كُنتَ قد وُتِروا |
تَصوَّرِ الأمرَ معكوساً وخُذْ مَثَلاً | مما يَجرُّونه لو أنهم نُصِروا |
أكانَ للرِفِقِ ذِكرٌ في مَعاجِمهمْ | أم كانَ عن " حِكمةٍ " أو صحبِهَ خَبَر |
واللهِ لاقتِيدَ "زيدٌ " باسم " زائدةٍ" | ولأصطلى " عامرٌ " والمبتغى " عُمَر" |
ولا نمحى كلُ رَسمٍ من مَعالمكُم | ولاشتَفَتْ بِكُم الأمثالُ والسِيَر |
ولا تزالُ لهم في ذاكَ مأرُبَةٌ | ولا يزالُ لهم في أخذِكُم وطَر |
أصبحتُ أحذرُ قولَ الناسِ عن أسفٍ | من أن يروا تِلكمُ الآمالَ تَندَثِر |
تَحرَّكَ الَلحدُ وانشقَّت مُجدَّدةً | أكفانُ قَومٍ ظنَّنا أنَّهم قُبِروا |