آمنتُ بالحُسين
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
فِداءٌّ لَمثواكَ مِن مَضْجَعِ | تَنَوَّرَ بالأبلَج الأروَعِ |
بأعبقَ من نَفحاتِ الجِنانِ | رَوحاً ، ومن مِسكِها أضوع |
ورَعياً ليومِكَ يومِ " الطُفوف" | وسَقياً لأرضِكَ مِن مَصْرَع |
وحُزناً عليك بحَبْسِ النُفوسِ | على نهجِكَ النَّيِّرِالمَهْيَع |
وصَوتاً لمجدِكَ مِنْ أنْ يُذالَ | بما أنت تأباهُ مِن مُبّدع |
فيا ايُّها الوِتْرُ في الخالِدينَ | فذّاً ، إلى الآنَ لم يُشْفَع |
ويا عِظَةَ الطامحينَ العِظامِ | للاهينَ عن غَدِهمْ قُنَّع |
تعاليتَ مِن مُفْزِعِ للحتُوفِ | وبُورك قبرُكَ مِن مَفْزَع |
تلوذُ الدُّهورُ فمِنْ سُجَّد | على جانبيه . ومِنْ رُكَّع |
شَممتُ ثراكَ فهبَّ النسيمُ | نسيمُ الكرامةِ مِن بَلقع |
وعفَّرتُ خدي بحيثُ استراحَ | خدٌّ تفرَّى ولمْ يَضرَع |
وحيثُ سنابِكُ خيلِ الطُغاةِ | جالتْ عليهِ ولم يَخشع |
وخِلْتُ وقد طارتِ الذكرياتُ | بروحي إلى عالمٍ أرفَع |
وطُفْتُ بقبرِكَ طوفَ الخَيالِ | بصومعةِ المُلْهِمِ المُبْدع |
كأنَّ يداً من وراءِ الضريحِ | حمراءَ " مَبتُورَةَ الإِصْبَع " |
تَمُدُّ إلى عالمٍ بالخُنوعِ | والضيمِ ذي شَرقٍ مُتْرَع |
تَخبَّطَ في غابةٍ أطبَقَت | على مُذئبٍ منه أو مُسْبِع |
لِتُبدِلَ منه جديبَ الضمير | بآخَرَ مُعَشوشِبٍ مُمرِع |
وتدفعَ هذي النفوسَ الصِغارَ | خوفاً إلى حَرَمٍ أمنَع |
تعاليتَ مِن صاعِقٍ يلتظي | فانْ تَدْجُ داجيةٌ يَلمع |
تأرّمُ حِقداً على الصاعقاتِ | لم تُنْءِ ضَيراً ولم تَنْفَع |
ولم تَبْذُرِ الحَبَّ إثرَ الهشيمِ | وقد حرَّقَتَهُ ولمْ تَزرع |
ولم تُخلِ أبراجَها في السماء | ولم تأتِ أرضاً ولم تُدْقِع |
ولم تَقْطَعِ الشّرَّ مِن جِذْمهِ | وغِلَّ الضمائرِ لم تَنْزع |
ولم تَصْدِمِ الناسَ فيما هُمُ | عليهِ من الخُلُقِ الأوضَع |
تعاليتَ من " فَلَكِ " قُطْرهُ | يدورُ على المِحوَرِ الأوسع |
فيابنَ " البتولِ " وحَسْبي بها | ضَماناً على كلْ ما أدَّعي |
وبابنَ التي لم يَضَعْ مِثُلها | كمِثلِكَ حَملاً ولم تُرْضِع |
ويابن البطينِ بلا بِطنةٍ | ويابن الفتى الحاسرِ الأنْزَع |
ويا غُصْنَ " هاشِمَ " لم ينفَتِحْ | بأزهرَ منكَ ولم يُفْرِع |
ويا واصِلاً مِن نشيدِ " الخُلود" | خِتامَ القصيدةِ بالمطلع |
يَسيرُ الورى بركاب الزمانِ | مِن مستقيمٍ ومن اظلع |
وأنتَ تُسيِّرُ ركْبَ الخلود | ما تستَجِدّ له يَتْبَع |
تَمثَّلتُ " يَومكَ " في خاطري | وردَّدت " صوتَكِ " في مَسمعي |
ومَحَّصتُ أمرَكَ لم " أرتَهبْ " | بنقلِ " الرُّواة " ولم أُخدَع |
وقلتُ : لعلَّ دويَّ السنين | بأصداءِ حادِثِكَ المُفْجِع |
وما رتَّلَ المخلِصونَ الدُّعاةُ | مِن " مرسِلينَ " ومن " سُجَّع " |
ومِنْ " ناثراتٍ " عليكَ المساءَ | والصُبْحَ بالشَعْرِ والأدمُع |
لعلَّ السياسةَ فيما جَنَتْ | على لاصِقٍ بكَ أو مُدَّعي |
وتشريدَها كلَّ مَنْ يدَّلي | بحبلٍ لأهلِيكَ أو مَقطع |
لعلَّ لِذاكَ و " كونِ " الشَّجيِّ | وَلُوعاً بكلِّ شَجٍ مُولع |
يَداً في اصطباغِ حديثِ " الحُسين " | بلونٍ أُريدَ لهُ ممتِع |
وكانتْ ولمَّا تَزَلْ بَرْزَةً | يدُ الواثقِ المُلْجَأ الألمعى |
صَناعاً متى ما تُرِدْ خُطَّةً | وكيفَ ومهماً تُرِدْ تَصنع |
ولمَّا أزَحْتُ طِلاءَ " القُرونِ " | وسِتْر الخِداع عنِ المخْدع |
أُريدُ " الحقيقةَ " في ذاتِها | بغيرِ الطبيعة لم تُطْبَع |
وجدتكَ في صُورةٍ لم أُرَعْ | بأعظمَ منها ولا أرْوَع |
وماذا ! أأروعُ مِنْ أن يكونَ | لحمُكَ وَقْفاً على المِبْضَع |
وأنْ تَتَّقي – دُون ما ترتائي - | ضميرَكَ بالأسَلِ الشُرَّع |
وإنْ تُطْعِم الموتَ خيرَ البنينَ | مِنَ " الأكهلينَ " إلى الرُّضَّع |
وخيرَ بني " الأمِّ " مِن هاشمٍ | وخيرَ بني " الأب " مِن تُبَّع |
وخيرَ الصِّحاب بخيرِ الصدورِ | كانوا وِقاءكَ ، والأذْرع |
وقدَّسْتُ " ذكراكَ" لم أنتحِلْ | ثِيابَ التُقاةِ ولم أدَّع |
تَقَحَمْتَ صدري وريبُ " الشكوكِ " | يَضِجُّ بجدرانِه " الأرْبَع " |
ورانَ سَحابٌ صَفيقُ الحجاب | عليَّ من القَلَقِ المُفزع |
وهبَّتْ رياحٌ من الطيّبات | و " الطيبينَ "ولم يُقْشَع |
إذا ما تزحزحَ عن مَوضعٍ | تأبَّى وعادَ إلى مَوضع |
وجازَ بيَ الشكُّ فيما معَ " الجدودِ " | إلى الشكِّ فيما معي |
إلى أن أقمتُ عليه الدليلَ | من " مَبدأ" بدمٍ مُشْبَع |
فأسلَمَ طَوعاً إليكِ القِياد | وأعطاكَ إذعانهََ المُهْطِع |
فنَوَّرْتَ ما اظْلَمَّ مِن فِكرتي | وقِّوْمتَ ما اعوجَّ مِن أضلُعي |
وآمنتُ إيمانَ مَن لا يَرى | سِوى ( العقل) في الشكِّ مِن مَرْجع |
بأن ( الإِباء ) ، ووحيَ السماء | وفيضَ النبوَّةِ ، مِن مَنْبع |
تجمَّعُ في ( جوهرٍ ) خالصٍ | تَنَّزهَ عن (عَرَضِ ) المَطْمَع |