الروضة الغناء
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
نسجَ الربيع لها الرداء الضافي | وَهَمَتْ بها كفُّ الحيا الوكّافِ |
فضَّت بها عذراءَ كلِ سحابة | خطرت فنبهتِ الهزار الغافي |
قضّى الربيع بها ديون َ مصيفها | من سَح كل مُدرة الأخلاف |
الحب ما ضَمِنت ضُلوع سمائها | للأرض لا ما يدعيه الجافي |
قلب كما اتَّقدت لظىٍ، جوانحٌ | رَعْدٌ ، وجَفْنٌ دائم التَّذراف |
ان الذي قَسم الحظوظَ مواهباً | أعطى الربيع نِقابة الأرياف |
وكأنما لبست به أعطافها | حُللا يُوشِّها الَّحاب ضوافي |
وكأنما هَزَجُ الرعود إذا حَدّتْ | ركب َ السحاب ، بشائر الألطاف |
وكأنما العُشبُ النضير خمائلٌ | ومن الورود لها طِراز وافي |
وكأن مياسَّ الغُصون إذا انتشى | غِبَّ السحاب يُعبُّ صِرف سلاف |
وكأن مختلف الورود صحائفٌ | فيها تُخط بدائع الأوصاف |
وكأن خلاّق الطبيعة شاعرٌ | نَظَمَ الرياض قصائداً بقوافي |
وتلبد الجو المغيم كأنه | قُطرٌ عرته سياسة الإجحاف |
وكأنما الماء النمير مهند | للمَحْل تصقُله يد الإرهاف |
وكأنه سَلَبَ الاصيلَ رداءه | او دسّ قرنَ الشمس في الأجراف |
أين الصفي سرائراً وخلائقاً | يحكي لنا لُطْفَ النمير الصافي |
مترقرقاً تلقى السماء بأرضه | لو لا خيالُ تشابك الصفصاف |
وتخال ان لمعت حَصاهُ لآلئاً | تُجْلى بكف النيْقدِ الصرّاف |
ترتد عنه الطير وهي مُليحة | مما عليه من الجلال الطافي |
اوحى النسيم إليه أ عواصفاً | بعدي فأرجف خِشية الإرجاف |
واهتاج حتى ود أن ضفافه | سالت فلم يُصبْحْ رهين ضفاف |
ليت الذي قاد الزعازع ردّها | عن مثل هذا الجوهرِ الشفاف |
الروضةُ الغناء مفرشُ لذتي | حيثُ الخيالُ مطَّرزُ الأفواف |
تتساند الاعشاب في جَنَباتها | فترى القويَّ يَشُدُّ إزر ضعاف |
باكرتُها والنجمُ متقدُ السنا | لِهثٌ وقد ضرب الدجى بسِجاف |
والطيرُ يكتُم نطقه متحذراً | خوف انتباه الصبح للأسداف |
حتى إذا ما الفجر حان نشوره | وسطا الصباح بجيشه الزحاف |
خلعت عليه ذُكا ملاءة نورها | فتباشرت منها ربّى وفيافي |
فاخذت انشدها وعندي هاجس | أخذ الهمومَ عليَّ من اطرافي |
لو شاء من ضم الأزاهر لم تكن | لتعيثَ في الأكوان كف خلاف |
وِلِما تزاحمت القوى وتهافتت | منها سِمانٌ لانتهاك عجاف |
متكالبين كأنَّ رب لغاتهم | ماخط فيها لفظة الإنصاف |
لو أن ألقاب الورى في قبضتي | حلَّ الوضيعُ محَلَّة الأشراف |
لو كان في مال الغنىِّ لمعوزٍ | حق لسادت عيشه بكفاف |
يسمو الغني على المُقل وعنده | ان الثراء قوادم وخوافي |
عاثوا بشمل الاجتماع فحبذا | يومٌ يَعيث القصد بالإسراف |
خير من الأشر الضنين صعالك | لا يسألون الناس بالألحاف |
لِتبَجلِّ الناس الغنيَّ فانني | كلفٌ بتبجيل الفقير العافي |