سواستبول
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
يا "سواسبولُ " سلامُ | لا يَنَلْ مجدّكِ ذامُ |
لا عرا السيفَ حساماً | ذَرِبَ الحدِّ انثِلام |
لا يَنَلْ منكِ بما | أوذيْْتِ في اللهِ اهتضام |
لكِ فيما يُنقِذُ العالَمَ | رَوْحٌ وجِمام |
في الضَّحايا الغُرِّ من آلِكِ | للحقِّ دِعام |
كلُّ شِبْرٍ فوقَهُ مِن | جُثَثِ القتلى وِسام |
يذهبُ الدَّهرُ ويبقى | من تفانيكِ نِظام |
الحِفاظُ المرُّ ما انتِ | عليهِ والذِّمام |
والحِفاظُ المُرُّ – أُغرمْتِ به - | موتٌ زُؤام |
يا " سواسبولُ " سَقاكِ | الدَّمُ |
أعَلَى الذَّبْحِ استباقٌ ؟ | أعلى الموتِ ازدحام ؟ |
أهيَ سوقٌ لمبارةِ | الَّلذاذاتِ تُقام؟ |
ألرَّدى والمجدُ والأشلاءُ | والصُلْبُ رُكام |
قلعةٌ شرقيَّةٌ في | كُرْبَةِ الأرض ابتِسام |
يَهرَمُ الدَّهرُ فانْ عَنَّتْ | له فهوَ غُلام |
شامخٌ ممَّا أتى | أبناؤها الصيِّدُ الكِرام |
شُعْلَةٌ للحقِّ غطَّها مِنِ الظُلْمِ ضِرام | |
يا " سواسبولُ " سلامُ | وانحناءٌ واحتشام |
ما عسى يَبلُغُ – مِن | هذا الذي جئتِ – كلام |
وعلى أرضِكِ آياتٌ | بلِيغاتٌ " عِظام" |
هيَ في السَّلْمِ حياةٌ | وهيَ في الموتِ احترام |
حولَ أسوارِكِ مِن أطياف ِ | " أنصارٍ " زِحام |
مُنْهَكاتٌ فقعودٌ | مِن وَجيْبٍ وقِيام |
نُثِرَتْ كَرْهاً | سُجَّداً حولَكِ هام |
يا " سواسبولُ " ووجهُ | الدَّهرِ يَصْحُو ويُغام |
وسنا البدرِ انتكاساتٌ | فنَقْصٌ وتَمام |
ومنَ السُقْمِ علاجٌ | ومنَ البُرْْءِ سَقام |
يا مناراً يُرشِدُ العالَمَ | والدُّنيا ظَلام |
مرَّ عامٌ ، كلُّ يومٍ | منهُ في التأريخ عام |
كلُّ آنٍ يَسألُ العالمُ : | ماذا يا عِصام؟ |
كيفَ " خَرْكوفُ " وهلْ بَعْدُ | عِتابٌ أو مَلام؟ |
كيفَ " رُستوفُ " لها بـ " الأسودِ " | الطَّامي اعتصام |
وهَلِ القَفْقاسُ – كالعهدِ | جيادٌ وَسوام |
وأغانيُّ ، وأرباضٌ | ، وكَرٌّ ، واقتحام |
لبنيهِ والذُّرى الشُمِّ | على الموتِ اعتِمام |
صهوةُ الأدهمِ ، | والفارسُ يُزهَى ، والحُسام |
زُبُرُ " الفولاذِ " قدْ أفرغَها | قيْنٌ هُمام |
أُمةٌ لا صَدْعَ فيها | لا ارتجاعٌ ، لا انقسام |
إنَّهُ " الايمانُ " إيثارٌ | وعدلٌ ، ووئام |
مُثُلٌ زالَ بها جُوعٌ | ، وجهلٌ ، واحتكِام |
هكذا تُنْبتُ أرضٌ | هيَ بالحقِّ اقتسام |
يَملِكُ الزَّارِعُ ما يزرَعُ | لا عَبداً يُسام |
صرَّحَ الشرُّ وجَلَّى | وانجّلى عنهُ الّلِثام |
وبدا الغدرُ شَتِيمَ الوجهِ | يعلُوهُ القَتام |
وَخُمَ المرتَعُ بالباغي | وحَلَّ الاِنتقام |
جَرَتِ الفُلْكُ مُلِحَّاتٍ | وحانَ الارِتطام |
دُوْنَكِ الغارِبَ جُبِّيهِ | فقد جُبَّ السَّنام |
بَيَّتَ الجاني على " الفَعْلَةِ " | فالصَّفْحُ أثام |
واستوى الحالُ فمعنى | أن يَعِفّوا أنْ يُضاموا |
فالدمُ الغالي حَلالٌ | وتحاشيهِ حَرام |
بَرَّرَ " الفَجْرَةَ " واستامَ | الخَنا ، جيشٌ لُهام |
فالقُرى ، والشِّيبُ ، والرّضَّعُ | ، للنَّارِ طعام |
أهيَ ذي القُوَّةُ | يعتَزُّ بها هُجْنٌ طَغام |
أيُّ سُخْرِيَّةِ أهواءِ | أُناسٌ أمْ هَوام؟ |
الحْديدُ الضَّخْمُ يَختارُ | أحَرْبٌ أمْ سلام؟ |
والخَنا والنُبْلُ يقضي | فيهما هذا الحُطام؟ |
ما لهذا الوحشِ مِن | ناهٍ ؟ وللخيلِ لجام |
فَسلُوا المعطاشَ للدَّمَّ | أمَا بُلَّ الأُوام؟ |
وسلُوا الحُبلى لَقاحَ | الشَّرِّ هلْ بعدُ وِحام؟ |
بشِعَ الفنُّ وذابتْ | صُوَرُ الرّفْق الوِسام |
وانبرى أشنعَ ما | خَطَّ وشَطَّ الاِجترام |
جَمَدَ الطفلُ على الثَّدي | فهلْ هذا انسجام؟ |
وهَلِ البَتْرُ ابتداعٌ | وهَلِ السَّمْلُ التزام؟ |
وهل الألوانُ ، والأضواءُُ ، سِيقانٌ وهَام؟ | |
وهل الحِيطانُ بالأحياءِ | تُبنى وتُقام؟ |
فِكْرةٌ مِنَ وحْيِ أهلِ | الكَهْفِ ، إذ مَلّوا فناموا |
يا سواسبولُ : سلامُ | وهيامٌ ، غرام |
وتسابيحٌ تَغنَّى | بكِ ما غَنى حَمام |
يا سواسبولُ : سيَنْجابُ | مِن الشَّرِّ قَتام |
وستستيقِظُ أجيالٌ | على الذُلِّ نِيام |
وسيَنْجَرُّ على شوكِ | الجْماهيرِ عُرام |
يا سواسبولُ : مصيرُ البغيِ | ما دََّوى رَغام |
وحديدٌ صُبَّ في مُستَنْقَعِ | العُهْرِ كهام |
يا سواسبولُ : سلامُ | لا يَنَلْ مجدَكِ ذام |