ايها المتردون !
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
أساتذتي أهلَ الشعورٍ الذينَ هُمْ | مناريَ في تدريبتي وعمادي |
أروني انبلاجا في حياتي فانَّني | سئمتُ حياةً جُلّلتْ بسواد |
وما الشاعرُ الحسَّاسُ صِنوٌ لِعيشةٍ | مكرَّرةٍ مخلوقةٍ لجماد |
خذوا بِيدَيْ هذا " الغريب ِ" فانَّه | لكلِّ يدٍ مُدَّتْ إليه مُعادي |
لئن جئتُ عن أزمانِكمْ متأخراً | فإنّي قريبٌ منكمُ بفؤادي |
لغيرِ زمانٍ كَوَّنَ الدهرُ نزعتي | وكوَّنَ أعصابي لغير بلاد |
وعنديَ منكمْ كلَّّ يومٍ مَجالسٌ | ترفُّ بها أرواحُكم ونوادي |
معي روحُ "بشَّارٍ" وحَسبْي بروحه | تقرّبني من حكمةٍ وسَداد |
تعّلِمني سُخفَ القوانينِ في الورى | وسوءَ نظامٍ لم يجئ برشاد |
وطوراً مع الشَّهم الظريف " ابن هانيءٍ " | يراوح خمَّاراً له ويغادي |
يسجّل ما احصْت يداه بدقَّةٍ | ويمزُج منه صالحاً بفساد |
ومن قبلُ " للحاناتِ" كانت ولم تزلْ | لدى الشعراء النابهينَ أيادي |
تعوِّضهمْ عن وحشةٍ بانطلاقةٍ | وعن يقظةٍ مذمومةٍ برقاد |
أساتذتي ، لا تُوحِدوني فانَّني | بوادٍ وكلُّ الشاعرين بوادي |
ولا تعجبوا أنَّ القوافي حزينةٌ | فكلُّ بلادي في ثيابِ حِداد |
وما الشعر إلاَّ صفحة من شَقائها | وما أنا إلاَّ صورة لبلادي |
فلا تذكروا عيشي فانَّ يراعتي | تَرفَّعُ عن تدوينه ومدادي |
أمرُّ مَن المِلح الأُجاج مواردي | وأرجعُ من شوكِ القتادةِ زادي |
تقدَّمني مَن لستُ أرضى اصطحابه | وطاولني من لم يكنْ بعدادي |
وضُويقتُ حتى في شعوري وإنَّما | شعوري ّبُقيا عُدَّتي وعتادي |
وما لذَّةُ الدُّنيا إذا لم أكن بها | أُمتَّع في تفكيرتي ومرادي |
وما أنا بالحُرِّ الذي ينعتَونه | إذا لم يكن في راحَتَيَّ قيادي |
أُصرِّفُه فيما أروم وأشتهي | وأبذلُ فيه طارفي وتلادي |
وماذا يريدُ الناسُ مني وإنَّما | " لنفسي صلاحي أو عليَّ فسادي " |
فلا تَنشُدوا حُريّةَ الفكر إنَّها | "ببغدادَ " معنى نكبةٍ وصفاد |
فما كان بشَّارٌ بأوَّلِ ذاهبٍ | ضحيَّةَ جهلٍ شائنٍ وعناد |
إلى اليوم في" بغداد " خنقُ صراحةٍ | وتعذيبُ الافٍ لأجل أحاد |
مداخلةٌ في مجلسٍ ومساربٍ | وتضييقةٌ في جِيئةٍ ومَعاذ |
وخلّوا اهتضامَ الشعر إنَّ حديثَه | شجونٌ ، اقضَّتْ مضجعي وَوِسادي |
خلَتْ حَلبةُ الآداب إَّلا هجائناً | ملفَّقَةً سدَّتْ طريق جياد |
تشكَّى القريضُ العابثين بَحقله | كما يتشكَّى الروضُ وقعَ جراد |