الشاعرية بين البؤس والنعيم ..
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
جَهِلْتُ ، أحظُّ المرءِ بالسعي يُقْتَنَى | أم الحظُّ سرٌّ حَجَّبتْهُ المقادرُ |
وهل مثلَما قالوا جدودٌ نواهضٌ | تقوم بأهليها وأخرى عواثر |
فمن عجب أن يُمْنَحَ الرزقَ وادعٌ | ويُمْنَعَهُ ثَبْتُ الجَنانِ مُغامر |
تفكّرتُ في هذي الحياةَ فراعنى | من الناسِ وحشٌ في التزاحُمِ كاسر |
ولا فرقَ إلاّ أنَّ هذا مراوغٌ | كثيرُ مُداجاهٍ وهذا مجاهر |
وقد ظنَّ قومٌ أنَّ في الشِعر حاجةً | إلى فاقةٍ تهتزُّ منها المشاعر |
وأنَّ نَتاجَ الرفهِ أعْجَفُ خاملٌ | وأنَّ نَتاجَ البُؤسِ ريّانُ زاهر |
كأنَّ شعوراً بالحياة وعيشة | بها يشتهى طَعْمَ الحياةِ ضرائر |
وما إن يُرى فكرٌ كهذا مُزَيَّفٌ | لدى أمّةٍ للفنِّ فيها مناصر |
ولا أمةٌ تحيا حياةً رفيهةً | يَجيشُ بها فيما يُصوّرُ شاعر |
ولكنّهُ في أمّةٍ مستكينةٍ | طغى الذُّلُّ فيها فهو ناهٍ وآمر |
وآنسها بؤسُ الأديبِ وأُعْجِبَتْ | بِشِعرٍ عليه مهجةٌ تتناثر |
وللحزنِ هزّاتٌ وللأُنْسِ مِثْلُها | يُخالِفُ بعضٌ بَعْضَها ويُناصر |
ومثلُ قصيدٍ جسَّدَ الحزنَ رائعاً | قصيدٌ بتجسيدِ المسراتِ زاخر |
نُسَرُّ بشِعرٍ رقرق الدمعُ فوقَه | إذا عَصَرَ الذهنَ المفكّرَ عاصر |
وقد فاتنا أنّ الذي نستلذُّهُ | قلوبٌ رقاقٌ ذُوِّبَتْ ومرائر |
وما أحوجَ القلبَ الذكيَّ لعيشةٍ | يَعِنُّ بها فِكْرٌ ويَسْبَحُ خاطر |
ورُبَّ خصيبِ الذهنَ مَضَّتْ خَصاصةٌ | به فهو مقتولُ المواهبِ خائر |
وشتّانَ فنّانٌ على الفنِّ عاكفٌ | وآخرُ في دوّامِةِ العَيْشِ حائر |
وقد يطرق البؤسُ النعيمَ اعتراضة | كما مَرّ مجتازاً غريبٌ مسافر |
ولكنّ بؤساً مُفْرِخاً حَطَّ ثِقْلَهُ | وألقى عصاه فهو موتٌ مخامر |