اليأس المنشود...
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
رُدُّوا إلى اليأسِ ما لم يَتَّسع طَمَعا | شَرٌّ من الشرِّ خوفٌ منه ان يقَعا |
شَرٌّ من الأمَلِ المكذوبِ بارقُه | ان تحمِلَ الهمَّ والتأميلَ والهَلَعَا |
قالوا " غدٌ " فَوَجَدتُ اليَومَ يفضُلُه | و " الصبر " قالوا : وكان الشَهمُ من جَزعاً |
ولم اجدْ كمَجالِ الصَبرِ من وَطَنٍ | يَرتادُه الجُبْنُ مصطافاً ومُرتْبَعَا |
وأنَّ من حَسَناتِ اليأس أنَّ له | حَدّاً ، اذا كَلَّ حَدُّ غيرهُ قطَعَا |
وأنَّه مُصحِرُ الارجاءِ لا كَنَفاً | لمن يَلَصُّ ولا ظِلاً لمنْ رَتعا |
وَجَدْتُ أقتَلَ ما عانَت مصايُرنا | وما التَوَى الشَيبُ منه والشَبابُ معا |
أنَّا رَكِبِنا إلى غاياتِنا أمَلاً | رَخواً إذا ما شدَدْنا حَبلهُ انقطعا |
نسومُه الخَسْف ان يَطوي مراحلَنا | وإن تشَكَّى الحَفَا ، والأينَ ، والضلعا |
هذا هو الأمَلُ المزعومُ فاقتَرِعُوا | واليأسُ أجدَرُ لو انصَفْتَ مُقتَرعا |
اليأسُ أطعَمَ بالأشْلاءِ مِقصَلةً | عَدْلاً وطوَّحَ " بالبستيل " فاقتَلَعا |
وطارقٌ منه اعطَى النصرَ كوكَبُه | نَزْراً وعَدَّى إلى الاسبانِ فانَدفَعَا |
يا نادِبينَ " فِلَسطينا "وعِندَهُمُ | عِلْمٌ بانَّ القضاءَ الحتمَ قد وَقعا |
كم ذا تُلحُّون ان تَستَوقِدوا قَبَساً | من الرَمادِ ومِمَّن ماتَ مُرتَجَعا |
كَفَى بما فاتَ مما سميت " املا " | من " الحُلول " التي كيلتْ لكُم خُدعا |
جيلٌ تَصَرَّمَ مذ أبْدَى نَواجذَه | وعدٌّ لبلفورَ في تهويدِها قَطعا |
نَمَا وشَيبَّ بأيدي القَوم مُحتَضنَاً | ومن ثُدِيِّ النتاج المَحضِ مُرتَضعا |
والساهرونَ عليه كلُّ " منتخَبٍ " | يبني ويهدِمُ ، إن اعطى وان مَنعا |
تهوِي " العروشُ " على أقدامهم ضَرَعا | وتحتمي ساسةُ الدنيا بهم فَزَعا |
وعندَنا ساسةٌ سؤنا لَهُم تَبَعاً | ذُلاً ، وساؤوا لنا في الهدي مُتَّبعا |
من كل مُرتَخَصٍ إن عبَّسَت كُرَبٌ | او كشَّرَ الخطبُ عن شدقيهِ فاتَّسَعا |
ردَّ المصيبةَ بالمنديلِ مفتخراً | مثلَ الصبايا – بانَّ الجفن قد دَمعا |
او عابث ٍ من فِلَسطينٍ ومحنتِها | ألفى مَعيناً ، فالقى الدَلوَ وانتزَعا |
او سارقٍ لا لقَعر السِجنِ مَرجِعهُ | لكنْ إلى الجاهِ وَثّاباً ومُرْتفِعا |
شَدُّوا بذيل غُرابٍ امَّةً ظُلِمَت | تطيرُ ان طارَ او تَهوي إذا وقَعَا |
وَخوَّفوها بـ " دُبٍ " سوف ياكلُها | في حين " تسعون عاما " تألفُ السَبُعا |
وضيَّقوا أفقَ الدنيا باعينِها | مما استجدُّوه مِن بغيٍ . وما ابتُدعا |
و اودَعوا لغلاظٍ من " زَبانيةٍ " | حَمْقى حراسة قِرطاسٍ لهم وُضِعا |
وذاك معناهُ أنْ بيعوا كرامَتكُم | بيعَ العبيد بتشريعٍ لكم شُرِعا |
يا نادبينَ فلسطيناً صدعتُكُمُ | بالقول لا مُنكَراً فَضْلاً لكم صَدعا |
ولا جَحوداً بان الليلَ يُعقبه | فَجرٌ تفجَّّرُ كمه الشمس مُطَّلَعا |
ولست أنكِرُ أن قد قارَبَتْ فُرَصٌ | واوشكت مثقلاتُ الدَهر ان تَضَعا |
لكن وَجْدتُ القوافي تَشْتَكي عَنتاً | والمنبرَ الحُرَّ يشكو فَرطَ ما افترعا |
إن تحمَدوا او تذُمُّوا أنَّ شافعتي | أنّي رأيتُ ، وما راءٍ كمَن سَمِعا |
مررت بالقوم " شُذّاذاً " فما وقعت | عيني على مُستمنٍّ غيره ضَرعا |
ولا بمُلْقىً واهليه بقارعةٍ | ولا بحاملة في الكُور مَن رضَعا |
ولا بمن يحرِس " الناطورُ " ارجلَهُم " | مهروءة سَهَّلت للكلب منتزَعا |
وعندنا " سِلعةٌ " تُصفي البنينَ لنا | نُغلي – ونُرخصها – في الأزمة السِلعا |
وجدتُها عندَهم زهواً منورةً | البيتَ ، والبحرَ ، والاسواقَ والبِيَعا |
بينا تُراقص بالانغام صاحبَها | اذا بها تُوسِع ( الالغامَ ) مُزدَرَعا |
ونحن ما نحن قطعانٌ بمَذْأبَةٍ | تساقَطت في يدَي رُعيانِها قِطَعا |
في كل يومٍ " زعيمٌ " لم نجدْ خَبَراً | عنه ، ولم ندر كيف اختيرَ واختُرِعا |
اعطاهموا ربُّهم فيما اعدَّ لهُم | من الولائم صَفّوا فوقَها المُتَعا |
كأسَينِ ، كاساً لهم بالشُهد منزعةً | وللجماهير كأساً سَمُّها نَقَعا |
قتالةً خوف ان لا تُستَساغَ لهم | اوصاهُمُ ان يُسَّقَوهم بها جُرَعا |
وان يَصُبّوا عليها من وُعودِهُمُ | كالشِعر مكتمِلا – سهلاً ومُمتنِعا |
من ذا يرُدُّ لنا التاريخَ ممتلِئاً | عِزاً وإن لم نُرِدْ ردّاً ومرتَجَعا |
كانوا يذمُّون ( ربّاً ) بالعصا قُرِعا | ويغضَبون لأنفٍ منهم جُدِعا |
ويبعثَون قِتالاً أنَّ " قُبَّرةً " | ضيمَت وأن " بَسوساً " ذيلُها قُطِعا |
وكانَ من فتْحِ عمّوريةٍ مَنَعت | حُماتَها حَوَّمَ العقبان أنْ تَقَعا |
نداءُ صارخةٍ بالرومِ " معتصِماً " | لم يألُ ان ادركَتْها ( بُلْقُه ) سَرعَا |
حميَّةٌ لو اخذناها ملطَّفةً | بالعلم طابَت لنا رِدءاً ومُدَّرَعا |