ما لي شرقت بماءِ ذي الأثلِ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
ما لي شرقت بماءِ ذي الأثلِ | هل كدَّهُ الورَّادُ من قبلي |
أم بانَ سكَّانُ فأملحَ لي | ماكان قبلَ البين أستحلي |
ونعمْ لهم تلك النِّطافُ صفتْ | وامتدّ سابغُ ذلك الظلِّ |
وبحيِّهم يشتاق حاضره | بالرِّيف باديهُ على الرملِ |
لا ابيضَّ لي في الدار بعدهمُ | يومٌ وهل دارٌ بلا أهلِ |
رحلوا بأيامي الرقاقِ على | آثارهم وبعيشيَ السهل |
وعكفتُ بعدهمُ على ضمنٍ | عرف الهوى فبلي كما بيلي |
جسدي ودمنتهُ بما نحلا | يشاكيان تصدُّع الشملِ |
مغنى ً وضعنا أمسِ من شعفٍ | سافى ثراه مواضعَ الكحلِ |
فاليومَ نحنُ على الوفاء له | نستافه بمناسم الإبلِ |
في الظاعنين علاقة ٌ عقدتْ | عندي الحفاظَ فلم تخف حلّي |
أودعتها قلبي فما قنعتْ | بالقلب حتى استفضلتْ عقلي |
فعلى محاسنها وقد هلكتْ | تلك الوديعة ُ قيمة ُ المثلِ |
لما جلا التوديعُ صفحتهُ | عن وقفة ٍ زفراتها تغلي |
قالت وقلبي من لواحظها | ينصاعُ بين النَّصلِ والنَّصلِ |
ما ذنبُ أجفاني إذا خلقتْ | من طينة البلبالِ والخبلِ |
إني لأرحمُ من يناضلني | نظرا وبين محاجري نبلي |
قد خوِّف العشاقُ قبلكَ من | فتكاتِ هذي الأعينِ النُّجلِ |
فلحاظُ عيني من دمٍ سفكتْ | بعد النذير إليك في حلِّ |
ما لمتُ طرفكِ أختَ غاضرة | في السقم عن شكّ ولا جهلِ |
ما قلتُ لا تسبِ العقولَ وإنما | خوَّفته الإسرافَ في القتلِ |
قد كنتُ أعلمُ أنه أجلٌ | لكن ظننتُ زمانه يملي |
ومعنِّفين وما لهم ولهى | لم يكترثْ بفراغهم شغلي |
قد نازل اللوامُ قبلكمُ | سمعي فما افتتحوه بالعذلِ |
وخدعتُ عن وفري وما خدعتْ | عن ذمة ٍ نفسي ولا إلِّ |
نسبُ الوفاءِ الحرِّ في شيمي | نسبُ المكارم في بني عجلِ |
المانعين فخارَ بيتهمُ | للعزِّ والجيرانَ للذُّلِّ |
ويحلُّ للأيام كلُّ حمى ً | وسروحهمُ في جانبٍ بسلِ |
لا تطمع الغاراتُ في طرفٍ | جمعوه في طردٍ ولا شلِّ |
والمطعمين إذا انبرت سنة ٌ | عضَّاضة ٌ بنيوبها العصلِ |
بسطوا مكانَ الغيث أيديهمُ | فيها فكنَّ قواتلَ المحلِ |
من كلّ وافى الحلم معتدل ال | أخلاقِ ما لم يلقَ بالجهلِ |
حتى إذا التُمستْ هضيمته | لمس المغرَّر جلدة َ الصِّلِّ |
يغشى الطعان بغشمِ منصلتٍ | غرٍّ ورأى مجرِّبٍ كهلِ |
وإذا السواعد بالقنا ارتعشت | دعمَ القناة َ بساعدٍ عبلِ |
وإذا ارتأى النادي أو انعقدت | حلقاته للعقدِ والحلِّ |
كانت له والحزمُ مشتركٌ | أمُّ الكلامِ وقولة ُ الفصلِ |
قوم إذا نسبوا أبا دلفٍ | ذهبوا بجلِّ البأس والبذلِ |
وكفاهمُ فخرا بواحدهم | فخر القبيل بكثرة النسلِ |
سارت بهم أيّام سؤدده | سيرَ الحديث بمعجز الرُّسلِ |
وأتى الوزيرُ فكان بيِّنة ً | كفلتْ لهم بسلامة ِ النقلِ |
وصفتْ شهادته مغيَّبهم | والفرعُ مبنيٌّ على الأصلِ |
رويتْ لنا قولا فضائلهم | ونصرتَ ذاك القولَ بالفعلِ |
أدَّيت عنهم وافيا لهمُ | بأمانة ِ التبليغ والحملِ |
ورأيت نفسك تقتضي شرفا | فضلَ المزيدِ فزدتَ بالفضلِ |
أعطوا على سعة الزمان كما | تعطى وتضعفُ أنت في الأزلِ |
وكفوا ولو قاموا مقامك في ال | أحداثِ لم يبلوا كما تبلي |
جذبتْ بك الهممُ الكبارُ فقد | نلتَ السماءَ وأنتَ تستعلي |
وهدتك آراءٌ مظفَّرة ٌ | فتحتْ عليك مغالق السُّبلِ |
ونهضتَ بالملك الذي لويتْ | منه ظهورُ الجلَّة ِ البزلِ |
أعيا الرجالَ أوانَ خفّتهِ | وحملته متفاوتَ الثِّقلِ |
أرسلتَ فيه بآية خرقتْ | ما كان في العادات والعقلِ |
جرحٌ تواكله الأساة على | ولغِ المسابرِ فيه والفتلِ |
بعلوا به مستضعفين له | فحسمته من جانبٍ سهلِ |
عضدت كفايتك السعودَ كما | عضد القرانُ الحبلَ بالحبلِ |
وأمدّك اللهُ المعونة َ في | عزميك من سيرٍ ومن حلِّ |
أرضاه باطنك المخلَّصُ من | غشٍّ يرين عليه أو غلِّ |
ولاّك أمرَ عباده نظرا | منه فما تدهى من العزلِ |
وحمتك منه أن تنالَ يدٌ | تنجو بها من زلَّة الرجلِ |
وملكتَ أهواءَ القلوب فما | تسلى على هجرٍ ولا وصلِ |
عافيتَ أهلَ الأرض من سقمٍ | عرضوا له بالمال والأهلِ |
وغدوا يعدُّون البقاءَ ردى ً | والعزَّ للأوطان كالذلِّ |
في فترة ٍ عمياءَ جائرة ٍ | فظهرتَ بالإحسان والعدلِ |
ومزجتَ بالبشر المهابة َ وال | إرهابَ بالإرفاقِ والمهلِ |
والسيفُ يقطع عن طبيعته | ويروق بالشَّعشاعِ والصَّقلِ |
عقمتْ فلم تلد الوزارة ُ مذ | ولدتك بل زكّيتَ في الحملِ |
ما طرَّقتْ بك وهي راجية ٌ | جريانَ مثلك في مطا فحلِ |
كنتَ ابنها البرَّ الوصولَ فلا | ذاقت بفقدك جرعة َ الثُّكلِ |
وفداك كلُّ محافزٍ حسدا | جاريته ففلجت بالخصلِ |
تجري وتعقله وراءك أر | ساغٌ من التقصير في شكلِ |
وقدمتَ أيمنَ قادم وضعت | رجلاه عن سرجٍ وعن رحلِ |
أوبَ الغمامة بعد ما انقشعت | بمفوَّف الأخلافِ منهلِّ |
وهنتك ضافية ٌ تعلَّقُ في | عطفيك من ظهرٍ ومن قُبلِ |
شدَّ النضارُ ضعيفَ منكبها | حتى أقامَ بها على رجلِ |
لحمتْ على قدرٍ صبائغها | فالشكل موضوعٌ على الشكلِ |
وعريقة في القريتين لها | بيتان من دقٍّ ومن جلِّ |
فإهابها من بيت خفَّتها | وحليُّها من بيتها الجثلِ |
بأخي وتفضله لقد جمعتْ | زنة َ الوقارِ وخفة الحملِ |
ألقى عليك الملكُ تكرمة ً | لم تلقَ عن كتفيه من ثقلِ |
فلبستها للصون تسحبها | ومساحبُ الأذيال للبذلِ |
بك عزَّت الآدابُ واثَّأرتْ | من بعد ما نامت على الذحلِ |
رخصتْ على قومٍ فقام لها | منك المنافسُ دونها المغلي |
ورددتَ عن لحمي أراقمه | دوداً وهنَّ يدٌ على أكلي |
أنهضتني بالدهر أحمله | وصروفه كلٌّ على كلِّ |
وفعمتَ لي بحرا وقد قنطتْ | شفتي من الأوشال والضَّحلِ |
وفسحتَ فانفسحت مضيَّقة ٌ | مجموعة ُ الطرفين في عقلِ |
قبضتْ خطاي فلم تكن قدمى | فيها لتملأَ حافتي نعلي |
ولقد أنستُ بها على مضض | أنسَ الأسير بحلقة ِ الكبلِ |
فوصلتَ في المقطوع ممتثلا | أمرَ العلا ووسمتَ في الغفلِ |
ونسختَ لي بالجود كلَّ يد | وضعت شريعتها على البخلِ |
نقد المكارم عندها عدة ٌ | حتى يموتَ الوعدُ بالمطلِ |
فلئن جزى جزلَ العطاء فتى ً | حرُّ اللسانِ بمنطقٍ جزلِ |
فلأصفينَّك كلَّ سائرة ٍ | في الريح سائلة ٍ مع الوبلِ |
رفاعة ٍ في الأرض خافضة ٍ | بالشكر من حزنٍ إلى سهلِ |
لا ترهبُ الشِّقَّ المخوفَ ولا | تظما إلى نهلٍ ولا علِّ |
ووراء أبواب الملوك لها | رفعُ الحجاب ورتبة ُ القبلِ |
ومتى نكلتُ عن الجزاءِ فلم | ينهض بكثرك في العلا قلِّي |
علّمتني ووصفتَ نفسك لي | فطفقتُ أكتب عنك ما تملي |
تلقاك أيامُ السعود بها | وصّالة ً محبوبة َ الوصلِ |
يتخايل النيروزُ إن جعلتْ | حلياً على أعضائه العطلِ |
فتملَّها وتملَّه أبدا | ما خولف الإحرامُ بالحلِّ |
وأعنْ وتممْ ما ابتدأتَ به | فالبعض مرتهنٌ على الكلِّ |
واعرفْ لهذي الأرض أن ولدتْ | أزمانَ ملكك مادحا مثلي |