يا دار بين شرافَ فالنخلِ
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
يا دار بين شرافَ فالنخلِ | درّت عليكِ حلائبُ الوبلِ |
وتلطّفت بك كلُّ غادية ٍ | وطفاءَ تنهض عثرة َ المحلِ |
تحيي إذا طفق الغمام على | عافى الطلول بكرِّه يبلي |
رعياً لما أسلفتِ من زمنٍ | سمحِ الخليقة ِ غافلٍ سهلِ |
لا يهتدي هجرٌ إلى أذنٍ | فيه ولا هجرٌ إلى وصلِ |
أيامَ عقدكِ عقلَ راحلتي | طربا وأهلكِ عزّة ً أهلي |
ورباكِ ملعب كلّ آنسة ٍ | حمت الصِّبا لعفافها الكهلِ |
تغشى كثيبَ الرمل جلستها | بمهيَّل متفاوتِ الثِّقلِ |
ترمي المقاتلَ لا تقادُ بها | عن مقلة ٍ موقوفة ِ القتلِ |
مرهاءَ ما وهبت مراودها | وبحقِّها فقرٌ إلى الكحلِ |
تعنو الأسودُ لها فإن صدقتْ | خفقتْ خصائلها من الظّلِّ |
كان الشبابُ أخا مودّتها | فرميتُ في الأخوين بالثُّكلِ |
نفرتْ ظباءُ العزلِ شاردة ً | فأتى الشبابَ الشّيبُ بالعزلِ |
فاليومَ لا يدري البكاءُ على | شعري يفيض الدمعَ أم شملي |
يا قاتل اللهُ الصِّبا سكرا | لو أنّ دولة سكرهِ تملي |
قالوا صحوتَ من الجنونِ به | من ردَّ جنّته على عقلي |
نفضتْ من البيض الحسانِ يدي | وارتدَّ عنها ناصلا حبلي |
وسعى بيَ الواشي وكان وما | يسطيعني بيدٍ ولا رجلِ |
فكأنهنّ بما أذنَّ له | يلبسن أقراطا من العذلِ |
أشكو إلى الأيَّام جفوتها | شكوى يدِ العاني إلى الكبلِ |
وأريدها والجورُ سنّتها | أن تستقيمَ بسيرة العدلِ |
عنقٌ لعمرُ أبيك جامحة ٌ | لم يثنها الرُّوَّاضُ من قبلي |
وأبيتُ والأنباءُ طارئة ٌ | بغريبة ٍ سلمتْ على النقلِ |
نبّئتُ أن كلابَ معيبة ٍ | يتعاقرون بها على أكلي |
أغراهمُ أني فضلتهمُ | ما أولع النقصانَ بالفضلِ |
يتباحثون طلابَ عائرة ٍ | عصدتْ على القرطاس من نبلي |
خفَّت مخالبهم وما خدشت | حدَّ الصفاة ِ أكارعُ النملِ |
أن عيّبوني صادقين فهم | من كلّ ما اخترصوه في حلِّ |
حسدوا إباي وعزّتي وهمُ | نهبى الهوان وأكلة ُ الذلِّ |
والله أغلاني وأرخصهم | ما شاء وهو المرخص المغلي |
لا أشرئبّ إلى بلهنية ٍ | من عيشة ٍ وطريقها يُدلي |
بيني وبينكِ يا مطامع ما | بين ابنِ عبد الله والبخلِ |
ركب العلا فقضى السباقُ له | متعوّدا للفوز بالخصلِ |
ووفى بنظم الملك رأيُ فتى ً | طبٍّ بداء العقدِ والحلِّ |
قطَّاع أرشية الكلام إذا | عقلَ اللسانُ بقوله الفصلِ |
عجلَ الرجالُ وراءه فونوا | وأصاب غايته على مهلِ |
لبسَ السيادة َ معْ تمائمهِ | وتفرّع العلياء عن أصل |
ونمى على أعراقِ دوحتهِ | ورقٌ يرفّ ومجتنى ً يحلي |
حظّ بحقّ الفضل نيل إذا | ما الحظّ كان قرابة َ الجهلِ |
لأبي الحسين يدٌ إذا حُلبتْ | غدت السماء بكيَّة الرِّسلِ |
لا يغبط الدينارُ يحمله | وينوء بعدُ بأثقل الحملِ |
طبعتْ من البيضاءِ غرّته | وبنانه من طينة البذلِ |
نصبَ الحقوقَ على مكارمه | حكما يريه الفرضَ في النفلِ |
كما نسيء الظنَّ في سيرٍ | قصَّتْ عن الكرماءِ من قبلِ |
ونفسِّق الراوين من سرفٍ | ونسكُّ في الأخبارِ والنَّقلِ |
حتى نجمتَ فكنتَ بيّنة ً | نصرتْ دعاوى القولِ بالفعلِ |
ولقد فضلتَ بأنهم وهبوا | من كثرة ٍ ووهبت من قلِّ |
فليهنِ كفَّك وهي خاتمة ٌ | ما أحرزتْ من رتبة ِ الفضلِ |
أنت المعدُّ لكلِّ مزلقة ٍ | ترتاب فيها الساقُ بالرِّجلِ |
قد جرّبوك أصادقا وعداً | وبلوك تحتَ الخصبِ والأزلِ |
وتعرّفوا خلقيكَ من غزلٍ | لينٍ ومن متحمِّسٍ جزلِ |
فرأوك أمنعهم حمى شرفٍ | وأشدَّهم عقداً على إلِّ |
وأخفَّهم سرجا إلى ظفرٍ | متعجَّلٍ ويداً إلى نصلِ |
وعلى الصليق غداة َ إذ نفرت | كفُّ الشّقاق مريرة َ الفتلِ |
والحرب فاغرة ٌ تنظر ما | تهدي الظّبا لنيوبها العصلِ |
في موقفٍ غدرَ السلاحُ به | غدرَ القبالِ بذمَّة النعلِ |
وقد امتطى سابورُ غاربها | متمسِّكاً بمغارزِ الرَّحلِ |
وأسترعفتْ أيدي عشيرتهِ | وأوصالها بالطَّرد والشلِّ |
وافى فخادعَ عن طرائدها | حتى رددن عليهِ بالختلِ |
فثبت فاستنزلت ركبته | بيدٍ تردِّي كلَّ مستعلي |
وجد الفرارَ أسدَّ عاقبة ً | مع ذلّة ٍ من عزّة القتلِ |
تتنكَّبُ النهجَ البصيرَ إلى | عافى المياهِ وميّت السُّبلِ |
وعوى ابنُ مروانٍ وأكلبهُ | فرموا بمشبوحٍ أبى شبلِ |
طيّان لا يرضى لجوعته | بسوى فريستهِ من الأكلِ |
من بعد ما افترشوا الإمارة وال | تحفوا ظلائل عيشها الغفلِ |
ألحقتهم بشذوذِ قومهمُ | يتساهمون مطارحَ الذلِّ |
بردتْ حذارا منك ألسنهم | وصدورهم بحقودها تغلي |
تركوا لواشجة ِ المناسب في | طرقِ الفرار حميّة الذَّحلِ |
من كلِّ رخو المفصلين وقد | لفَّ القناة َ بساعدٍ عبلِ |
تعيي بحمل السيف راحتهُ | فكأنّها خلقت بلا حبلِ |
كانوا الفصالَ خبت جراجرُها | لما سمعنَ تقطُّمَ الفحلِ |
أحييت في ميسان داثرة ً | شيمَ الوفاءِ وسنّة َ العدلِ |
ونشرتَ في قصياءِ دجلتها | عزَّ البيوت بجانب الرملِ |
فكأنّ سافلة ً النبيط بها | عليا تميمٍ أو بني ذهلِ |
يفديك كلُّ مزنَّدٍ يده | من ثقلِ جمع المال في غلِّ |
لاينتهُ الأخلاقَ من كرمٍ | فاغترّ منك بمشية الصِّل |
حسد الكمالَ فظلَّ يقتله | يا ذلَّ مقتولٍ بلا عقلِ |
كم منّة ٍ لك لم يزن يدها | شكري ولم ينهض بها حملي |
مطبوعة ٍ خفّت مواردها | ومن الندى متكلّف الكلِّ |
ومودّة ٍ أطرافها عقدتْ | بعرى وفاء غيرِ منحلِّ |
ألبستني خضراءَ حلّتها | تضفو بها كتفي على رجلي |
أيقظتَ هاجعَ همّتي وسرى | حظِّي الحرون بقادميْ حبلي |
وتعلَّم الإنجازَ في عدتي | من كنتُ أقنع منه بالمطلِ |
فلتقضينَّك كلُّ وافية ٍ | بالحقّ شافية ٍ من الخبلِ |
محبوبة ٍ لو أنّها هجرتْ | أغنتْ فكيف بها مع الوصلِ |
تستوقفُ الغادي لحاجتهِ | ويعيدُ كاتبها فمَ المملي |
ترتدُّ للسالي صبابته | وتعلِّل المشتاقَ أو تسلي |
تضحي المسامعُ والعقولُ لها | أسراءَ وهي طليقة ُ العقلِ |
وإذا رميتُ بها مقامَ علاً | نهضتْ فأبلتْ مثلما أبلي |
تسري وذكرك في صحائفها | كالوسم فوق حوارك الإبلِ |
في كلّ يومِ هدية ٍ لكمُ | عرسٌ بها تهدى إلى بعلِ |
فتملَّها واعرف لغربتها | هجرَ الديارِ وفرقة َ الأهلِ |
واعلم بأنّ الشعرَ في قلبٍ | عوراءَ إلا ما استقى سجلي |
يستلّ نابَ الليث من فمه | ويرى العقوقَ ولا يرى مثلي |