فكاكك أيها القلبُ الأسيرُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
فكاكك أيها القلبُ الأسيرُ | غداً لو قال حادي الركبِ سيروا |
عسى الأظعانُ تطلعُ إن أثاروا | هلالاً كان تكفره الخدورُ |
و إن أخذوك أنتَ وخلفوني | فسرْ معهم فذاك لهم يسيرُ |
تعلقهم عساهم أن يذموا | عليك من الصبابة أو يحيروا |
لمن شدنية ٌ سبقتْ عجالاً | فما تدري أتقصدُ أم تجورُ |
يخوض الليلَ سائقها أنيسا | بآية ِ لاخَ بين يديه نورُ |
و كيف يخاف تيهَ الليلِ ركبٌ | تطلعُ من هوادجه البدورُ |
يناجزُ في الوداعِ معاتباتٍ | لهنَّ كبودنا ولنا الزفيرُ |
أكنتَ معي بعينٍ أم بقلبٍ | برامة َ والعيونُ إليَّ صورُ |
غداة َ أقول وابتهجتْ جباهٌ | عطفنَ عليّ وابتسمت ثغورُ |
أما من قبلة ٍ في الله قالوا | متى حلتْ لشاربها الخمورُ |
وقاركَ والتفتْ ترهنَّ بيضاً | كبرتَ فقلتُ مسكينُ الكبيرُ |
ألاَ يا صاحبيَّ تملياني | أطاعَ إبايَ واعتدلَ النفورُ |
أرى كبدي وقد بردتْ قليلا | أمات الهمُّ أم عاش السرورُ |
أم الأيامُ خافتني لأنيّ | بفخر الملك منها أستجيرُ |
ذراني عاد إملاحي نميراً | و يفعمُ بعد ما نضبَ الغديرُ |
طغى أملي وطال قصيرُ باعي | و نيمنى الشيءُ أولهُ حقيرُ |
و لا تتعجبا من خصب ربعي | فربعي بعضُ ما جاد الوزيرُ |
و لكن بايعاهُ عن لساني | فإنيّ حين أعجزُ أستشيرُ |
ظهورك آية ٌ لله صحتْ | بها الأديانُ واشتفت الصدورُ |
و زالت شبهة ُ المرتابِ في أن | تكشفَ عن ضمائرها القبورُ |
رآك وميتُ الآمال حيٌّ | بجودك والندى الأعمى بصيرُ |
فآمنَ بالمسيح وآيتيه | و أنْ نشأتْ من الطين الطيورُ |
و أيقنَ أن موسى شقَّ بحرا | بأن شقت بكفيك البحورُ |
و لما أن أتيتَ على فتورٍ | و بابُ ضلالة ِ الأمم الفتورُ |
و أبصرَ قبلك الماضين مروا | و لما تنتظمْ بهم الأمورُ |
صبا لمحمدٍ وأطاع فيه | و قال الرسلُ خيرهم الأخيرُ |
أقول بمعجزاتك لا غلوا | و كاتمُ نعمة ِ المعطى كفورُ |
إذا الأسماء ألزمتِ المعاني | فأنت الحقُّ والوزراءُ زورُ |
رأيناهم وكلهمُ شكولٌ | مصليهم لسابقهم نظيرُ |
بكَ انتصر الملوكُ وأنتَ فيما | دعوك لنصره نعمَ النصيرُ |
فأنت الليلة ُ القمراءُ بانت | على الأخواتِ واليومُ المطيرُ |
حميتَ كبيرهم إذ حمَّ وقتٌ | تحوطُ به وقد كبرَ الكبيرُ |
و ماتت دولة ٌ فأقمتَ أخرى | فلا موتٌ عصاك ولا نشورُ |
و باشرتَ الخلافة َ فاطمأنتْ | على أمرٍ ومطلبه عسيرُ |
و يومَ العهدِ والوافي قليلٌ | أطاعك منبراها والسريرُ |
ألينَ عليك معجمها المعاصي | و خفَّ إليك مجلسها الوقورُ |
درى الفهريُّ حين أسفَّ قومٌ | و طرتَ بأيّ قادمة ٍ تطيرُ |
رآك بهديهِ فجزاك خيرا | و قد يتفرسُ الرجلُ البصيرُ |
و أعطاك التي نرتْ قديما | و إن هي أغليتْ فيها المهورُ |
و أفرشك الكرامة َ لم يدسها | جبانٌ في الملوك ولا جسورُ |
مقالا في اصطفائك واعتقادا | يحيلُ على اللسان به الضميرُ |
و قلدَّ سيفه بيديه سيفا | طويلُ نجادهِ عنه قصيرُ |
حساما كان للمنصور حصنا | و لم يك للمدينة بعدُ سورُ |
و صاحبَ بعده الخلفاءُ تربا | رفيقا حين يجلسُ أو يثورُ |
تذلُّ له المنابرُ يرتقيها | و تألفهُ المناكبُ والجحورُ |
و ما كفؤٌ له لولاك كفؤا | و لكنّ الذكورَ لها الذكورُ |
أميرُ المؤمنينَ يقول خذهُ | فإنك في تقلده الأميرُ |
و لو عقلتْ عقيلٌ شاورتني | فكنتُ برأي ناصحها أشيرُ |
فررتِ مكانَ لم تجدي ثباتا | و يقتلُ ذكرهُ البطلُ الفرورُ |
إذنْ فتزحزحى عن دارِ ملكٍ | لغيرك ضرعها ولكِ الدرورُ |
أغركِ بالجزيرة ِ ما أغرنا . | نظارِ فقربَ ما ارتجع المغيرُ |
فلا تتوهمي بالشرَّ لينا | فقد يتألقُ النصلُ الطريرُ |
تخطتها وإن وسعتكَ مرعى ً | فكم دارٍ تبيرُ كما تميرُ |
و يقطعُ عضوه المرءُ اضطرارا | و إن ألقتْ منابتها الشعورُ |
سمعتَ بشائرَ الظفرِ استمعْ لي | أعدْ خبرا وأنت به خبيرُ |
أنا المولى صنعتَ إليه نعمى | أخي فيها حسودٌ أو غيورُ |
جذبتَ من القنوع بها ذراعي | فطارت دون أخمصيَ النسورُ |
نفائسُ لم ينلهنَّ اقتراحُ ال | منى َ فيما تسدى أو تنيرُ |
بردتَ على الزمان بها فؤادي | و كان عليه مرجلهُ يفورُ |
و ها هي نالت الأيامُ منها | فجددْ أخلقَ الظلَ الدثورُ |
يزور المهرجانُ برسم قومٍ | و لي رسمٌ يوق ولا يزورُ |
و قوم يكرمون على الأسامي | فترخى الحجبُ عنهم والستورُ |
يقول الشعرُ إن حضروا وغبنا | فدى الغياب ما قال الحضورُ |
يكررُ غابرٌ ما قال ماضٍ | و قدماً أخلقَ المعنى الكرورُ |
و أحلى القولِ أسلمهُ منالا | فما هذي الشقاشقُ والهديرُ |
تطبعتِ القرائحُ واطمأنتْ | فلمْ يتكفؤنك يا صبورُ |
بهذا الحكمُ حين تحالباها | نقائضَ حاز زبدتها جريرُ |