إذا لم يقرِّبْ منك إلا التذلُّلُ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
إذا لم يقرِّبْ منك إلا التذلُّلُ | وعزَّ فؤادٌ فهو للبعد أحملُ |
سلوناك لما كنتَ أوّلَ غادرْ | وما راعنا في الحبِّ أنكَ أوّلُ |
إذا أحدُ الحبَّين كان ممرَّضا | فأوفى الحبيبين الذي يتبدّلُ |
وقالت مشيبٌ والجمالُ عدوُّهُ | فقلت خضبناه فأين التجمُّلُ |
سوادان لكن مؤنسٌ ومنفِّرٌ | وما منهما إلا يحولُ فينصُلُ |
وساترتُها سنَّ الكمال بصبغة ٍ | رأتها فقالت صبغة ُ الله أفضلُ |
وبغَّض خدّا بالمشيبِ معنبراً | إليها عذارٌ بالشبابِ مغلَّلُ |
وكان بعيني شعلة ً وهو مظلمٌ | فصار بقلبي ظلمة ً وهو أشعلُ |
سمحتُ ببذل العيش يا حارِ بعدكم | وكنتُ بكتمان النصيحة أبخلُ |
وبتّ أرى أنّ الجفاءَ سجيّة ٌ | لكلّ خليلٍ والوفاءَ تعمُّلُ |
وحرّمَ عزُّ الموسويِّ جوانبي | على الضّيمِ حتى جازها ما يحلِّلُ |
أحقُّ بآمالي أخو كرمٍ أرى | بعينِ يقيني عنده ما أؤمّلُ |
ولما أتاح الدهرُ لي من لقائه | بشائرَ عجلى بالذي أتأجَّلُ |
جلا لي وجهاً طالعاً من أحبُّه | ومدّ يميناً حقُّها ما تُقبَّلُ |
فقلت أمصباحٌ أم الشمس أفتقت | وهذي اليد البيضاءُ أم فاضَ جدولُ |
وناشرني ودّا شككتُ لطيبه | أفغمة ُ مسكٍ أم رداءٌ ممندَلُ |
أبا القاسم استمتع بها نبويَّة ً | تراجعَ عنها الناسُ فيما توغَّلوا |
محاسنُ إن سارت فقد سار كوكبٌ | بذكرك أو طارت فقد طار أجدلُ |
تحدَّثَ عنها الناطقون وأصبحتْ | بها العيسُ تحدى والسوابقُ تصهلُ |
سما للعلا قومٌ سواك فلم تنَلْ | سماؤك حتما إن باعك أطولُ |
وأغرى الكمالُ الحاسدين بأهله | قديماً ولكن داءُ شانيك أعضلُ |
ألستَ من القوم استخفّت سيوفهم | رقابَ عداً كانت على الموت تثقُلُ |
طلوبين لحّاقين عصمُ يلملمٍ | تزاورُ عن أرماحهم ثم تنزلُ |
مشت فوق أنماط الملوك جيادُهم | وباتت بأعوادِ الأسرَّة تُعقلُ |
غلامُكمُ في الحجفل ابنُ عجاجة ٍ | مغيِّمة ٍ من دجنها الدمُ يهطلُ |
يعانقُ منه الموتَ عريانَ تحتها | شجاعٌ بغير الصبر لا يتنثَّلُ |
وشيخكمُ في المحفل ابنُ مهابة ٍ | يوقَّرُ عزّا بينكم ويبَّجلُ |
غنيٌّ ببادي رأيه عن تليِّهِ | صموتٌ كمكفيٍّ قؤولٌ فيفصلُ |
وكهلكمُ في فتكه وانبساطه | فتى ً وفتاكم في الحجا متكهِّلُ |
وأنتم ولاة الدِّين أربابُ حقّهِ | مبينوه في آياته وهو مشكلُ |
مساقطُ وحى الله في حجراتكم | وبينكمُ كان الكتاب يُنزَّلُ |
يذادُ عن الحوض الشقيُّ ببغضكم | ويوردُ من أحببتموه فينهلُ |
ختمتم على حرّ الخواطر أنه | لكم ما انتهى فكرٌ وأسمح مقولُ |
تؤدَّى فروضُ الشعرِ ما قيل فيكمُ | وفي الناس إما جازكم يتنفّلُ |
نحمِّسُ من آثاركم وعلاكمُ | وننسبُ من أحلامكم ونُغزِّلُ |
لك الخير ظنّي في اعتلاقك عاذري | فلا تتركنْ يا حرُّ وعدك يُعذلُ |
لعمري وبعضُ الرَّيثِ خيرٌ مغبّة ً | ولكن حسابُ الناس لي فيك أعجلُ |
تشبَّثْ بها أكرومة ً فيَّ إنها | كتابٌ يوفَّى في يديك مسجَّلُ |
وصبراً مضى شهر الصيام وغودرت | مغانيه حتى الحولِ تعفو وتعطُلُ |
علمتُك حزاناً عليه وبعضُهم | بفرقته مستبشرٌ متهلِّلُ |
تعفَّفتَ فاليومان عندك واحدٌ | وأحظاهما ما كان بالدِّين يُشغلُ |
تناهت بك الأيام حتى قد اغتدى | مهنِّيك عجزا عن مداهنَّ ينكُلُ |
فوالله ما أدري هل الدهر عارفٌ | بفضلك إلهاماً أم الدهرُ يغفُلُ |