إذا فاتها روضُ الحمى وجنوبهُ
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
إذا فاتها روضُ الحمى وجنوبهُ | كفاها النسيمُ البابليُّ وطيبهُ |
و كم حبَّ من وادٍ إلى العيش مجدبٍ | و أبغضَ مثرى آخر وخصيبهُ |
و ما الجانبُ المسكونُ إلا وفاقهُ | هوى النفس لا خضراؤه وعشيبهُ |
فدعها تلسُّ العيشَ طوعَ قلوبها | فأمرعُ ما ترعاه ما تستطيبهُ |
و إن الثمادَ البرضَ في عزَّ قومها | لأنقعُ من جمًّ يدلُّ غريبهُ |
و أشبعها ألاّ تكون طرائدا | إذا شلَّ من سرح المسيمِ عزيبهُ |
و أن كان حياً بالحمى إن توفرتْ | من الوجد مبرى دائها وطيبهُ |
و كلُّ هلالٍ ذو الأراك حجابهُ | يسرُّ البدورَ الطالعاتِ مغيبهُ |
تحولُ الرماحُ العامرية ُ دونه | فيقظُ راجيه ويعيا طليبهُ |
و أتعبُ من حاولتَ يا قلبُ وصلهُ | حبيبٌ سنانُ السمهريَّ رقيبهُ |
يصيبُ بعيدا سهمهُ كلَّ من رمى | و ترميه أيدٍ حولهَ لا تصيبهُ |
يلوم على نجدٍ ضنينٌ بدمعهِ | إذا فارق الأحبابَ جفتْ غروبهُ |
و هل طائلٌ في أن يكثر عذله | إذا قلَّ من إصغاءِ سمعي نصيبهُ |
و ما الناسُ إلا منْ فؤادي فؤادهُ | لأهلِ الغضا أو من حبيبي حبيبهُ |
سأرعى الذي بيني وبينَ ملونٍ | شربتُ على صفوى له ما يشوبهُ |
خذيني بغيرِ الغدرِ خلقاً وإن جنى | على الوفاءُ قرفهُ وندوبهُ |
فذلك طينُ الأرضِ لم تبنَ فطرتي | عليها وما ماءٌ سقاني قليبهُ |
خلقتُ يداً دون الصديق وجنة ً | يردُّ بها عن صدره ما ينوبهُ |
ركودي إلى الجوّ العريض ركودهُ | إذا رام أمرا أو هبوبي هبوبهُ |
و أصفحُ عنه عاذرا متأولا | و إن كثرتْ زلاتهُ وذنوبهُ |
و يقنعني منه ظهارة ُ وجههِ | فلا أسأل التفتيشَ كيفَ مغيبهُ |
و من طال عن خبرِ الأخلاء بحثهُ | ليبلوهم لم يخلُ مما يريبهُ |
دعيني يكن خصمي زمانيَ وحدهُ | و تكفيكِ لي أحداثهُ وخطوبهُ |
هو الطرفُ غرتْ رحلتي خطواتهُ | و زمتْ فكان الليثَ صعباً ركوبهُ |
أصافح من كفيه صلَّ خديعة ٍ | لغير التحايا أهلهُ ورحيبهُ |
و لولا رجالٌ هم أساة ُ جروحهِ | جرتْ بدمي أظفارهُ ونيوبهُ |
لتسقِ بني عبد الرحيم أكفهم | فأروى الحيا وكافهُ وصبيبهُ |
و ما السيلُ ذو الدفاعِ يرغو جفاؤه | بأمرعَ من وادٍ نداهم يصوبهُ |
هم القاتلونَ الأزمَ والعامُ مسنتٌ | يقطبُ في وجهِ المسيم جدوبهُ |
و هم إن شكا الفضلُ الغريبُ انفراده | قبائلهُ دون الورى وشعوبهُ |
ملوكٌ على الأيام بيتُ علائهم | تناط بأعناق النجوم طنوبهُ |
ربا الملكُ طفلاً ناشئا في حجورهم | و أشيبُ هذا الدهر بعدُ ربيبهُ |
لهم تاجهُ المعصوبُ أيامَ تاجهِ | و فيهم أخيرا سيفهُ وقضيبهُ |
مواريثُ فيهم نصها إن مضى أبٌ | يسدُّ الذي سدَّ ابنهُ وينوبهُ |
و أمواتهم فيهم كأحياءِ غيرهم | إذا ظلعَ المركوبُ جاء جنيبهُ |
إذا ما زعيم الدين حدثَ عنهمُ | تواردَ شبانُ الفخارِ وشيبهُ |
هو البلجة ُ البيضاءُ في وجه عزهم | إذا شان عزَّ القوم بابنٍ شحوبهُ |
يرى نصرهم ما سار من حسن ذكرهم | فتنشرهُ أفعالهُ وتطيبهُ |
فتى ً كملتْ فيه أداة ُ اكتهالهِ | و غصنُ الصبا لم يعسُ بعدُ رطيبهُ |
تحمل أعباءَ الرياسة ناهضا | فما لان من عرض الرجال صليبهُ |
و من عجبٍ أن البكارَ جليدة ٌ | و قد عقرتْ بزلُ الطريق ونيبهُ |
و كم سابقٍ فيهم ولم يحفَ رسغهُ | و لا ابتلَّ في شوطِ الرهانِ سبيبهُ |
و من منجبٍ فيه أبوه وأمهُ | و ما ولدُ الإنسانِ إلا نجيبهُ |
لهم يومَ يحتدُّ الجلادُ كميهُ | و يومَ الترامي بالكلام خطيبهُ |
فلا محفلٌ إلا وفيهم صدورهُ | و لا جحفلٌ إلا وفيهم قلوبهُ |
أبا حسنٍ باهلْ بهنَّ فضائلا | لحاسدها حرُّ الجوى ولهيبهُ |
يعيبكَ مثنيٌّ على الغيظ صدرهُ | خوافقهُ تزوى به ووجيبهُ |
و كيفَ ينالُ العيبُ أطرافَ ماجدٍ | محاسنُ أبناءِ الزمانِ عيوبهُ |
و قال وهلْ في الناس من هو فوقه | فقلتُ نعم . إن كان فيهم ضريبهُ |
كريمٌ إذا ما ظلَّ يقسم مالهُ | فانزرهُ مستقسما ما يصيبهُ |
يحبُّ ثراءَ المال حبا لبذله | و ليس كسوبَ المالِ إلا وهوبهُ |
أطلتَ يدي بالنصر في نيلِ مطلبي | فأصبح لي أقصاه وهو قريبهُ |
و أمكنتني من ظهر حظي وعرفهِ | فأسمحَ لي بعد الشماسِ ركوبهُ |
و أغنيتني عن كلَّ مرعى أرودهُ | و فجً على تيهِ الطريق أجوبهُ |
و كم جمدَ الرزقُ البطيءُ على يدي | فسلسلتَ من كفيك ماءً يذيبهُ |
و لا خلفَ إلا من عصابكَ درهُ | و لا جفرَ إلا من نداك ذنوبهُ |
إذا روعتْ سرحي من الدهر روعة ٌ | زأرتَ فلم يعسلْ من الخوف ذيبهُ |
فقد صار يحبوني الذي ما سألتهُ | و يخطبُ مني المدحَ من لا أجيبهُ |
فلا يخبُ من نعماك بدرٌ أضاءَ لي | زماني ولا نجمٌ هداني ثقوبهُ |
و لا تتغيرْ من وفائك عادة ٌ | يرى المجدُ في أثنائها ما يعيبهُ |
و لا برحتْ تطرو اليك شواردٌ | يلين لها وعرُ الفلا وسهوبهُ |
مطبقة ٌ ما طبق الأفقُ سيرها | بوصفك مسرى ليلها وذؤوبهُ |
من الكلمِ السهلِ المنيعِ مرامعة ُ | على الناس والنزرِ الكثيرِ عجيبهُ |
ترقرقَ حسنا فامترى كلُّ سامع | به وهو مخلوبُ الفؤاد طروبهُ |
أسربلُ منه المهرجانَ مفاضة ً | يصان بها عريانهُ وسليبهُ |
ينوبان من ناديك أمنعَ جانبٍ | و أنضرَ ربعٍ غضهُ وقشيبهُ |
مدى الدهر ما هبَّ النسيمُ لناشقٍ | و دبَّ على وجه الصعيدِ دبيبهُ |
على شرطِ عزًّ لا تحولُ رسومهُ | و سرحِ نعيمِ لا تراعُ سروبهُ |