لله ساعٍ بلَّغتهُ قدمهْ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
لله ساعٍ بلَّغتهُ قدمهْ | حيث تعدَّت عالياتٍ هممهْ |
طوى السُّرى يبغي العلا حتى انطوى | إخوته تحت الظلام أنجمهْ |
حكَّمَ أخطارَ الفلا في نفسه | يوغلُ أو تمَّ له تحكُّمهْ |
تحصُّه الأيّام وهو طائرٌ | يزاحم الحظَّ به تهجُّمهْ |
وقاعدٌ مع العفاف قانعٌ | ببلغة ِ الزاد حشاه وفمهْ |
لم تنتقص طلاوة ٌ في وجهه | ورقّة ً ذلُّ السؤالِ يصمهْ |
يألمُ كلَّ قطرة ٍ سائلة ٍ | من مائه كأنما سال دمهْ |
تلوَّنتْ خلائقُ الدهر به | فحنَّكته شهبه ودهمهْ |
واختبر الناسَ فلو ساومته | قربَ أخيه خلته يحتشمهْ |
إن كان لا يُرزق إلا سائلا | فرزقه المشكورُ مما يُحرمهْ |
والله ما عفتُكِ يا دنيا قلى ً | وإنَّ فيك لمتاعا أعلمهْ |
لكنَّ أبناءكِ من لا صنعتي | صنعته ولا وفائي شيمهْ |
أخرجُ من مكمنهِ الصِّلَّ وما | فيهم بسحري من يصحُّ سقمهْ |
عندهمُ شكري وما أموالهمُ | عندي فهل عندك ذا من يقسمهْ |
كم باسمٍ لي من وراءِ شرِّه | والليثُ لا يغُرُّني تبسُّمهْ |
لو لم يقِ اللهُ وحزمٌ ثابتٌ | ما نصلتْ عندي سدادا أسهمهْ |
وواسعٍ ملكا وصيتا واجدٍ | ما شاء لم يسمع بشئ يعدمهْ |
أمطرَ صيفيّاً فظنّ أنّه | قد عمّت الأرضَ جميعا ديمهْ |
أسهرني في المدح لا يلزمني | عجباً به ونام عمّا يلزمهْ |
ما ضاق في قبوله ورأيه | في الجود لكن ضاق عنّي فهمهْ |
في وجهه بِشرٌ وفيه كرمٌ | فبشرُه لي ولغيري كرمهْ |
رحمتُ حظّي أمس فيما فاتني | من ماله واليومَ منه أرحمهْ |
وخاطبٍ على اتحادي صحبتي | والبدرُ مولودٌ يعزُّ توأمهْ |
أرادني مستجلباً فؤاده | وردّني مستعلياتٍ قيمهْ |
فكَّرَ فاستكثرَ لي ديناره | محاسباً ولم يسعني درهمهْ |
فإن يكن وصلٌ فمنِّي أو يكن | حبلُ وفاقٍ جُذَّ فهو يصرمهْ |
ليت الحسينَ الحاملي من بينهم | على طريقٍ واضح لي لقَمُهْ |
تخلده الدنيا وتستبقيه لي | وغيره تبقيه أو تخترمهْ |
أوَ ليته يمنعني مخففا | فإنها قد أثقلتني نعمهْ |
سيبٌ على سيب كما تقطَّعتْ | أوكية المزن وحلَّت عصمهْ |
كأنّ ما نغنمَ من أمواله | حطٌّ يخاف فوته يغتنمهْ |
أعيا على الوفرِ فبينا فضلهُ | يبنيه إذ عنّ سؤالٌ يهدمه |
كأنه أقسم لا نال الغنى | فهو بما يعطى يحلُّ قسمهْ |
عاقدني الودَّ فلا قارضة ٌ | تنشره ولا حسودٌ يفصمهْ |
مجتهدُ البرَّ ولو قاطعته | في صلتي كأنَّ ودّي رحمهْ |
ملَّكه السوددَ أصلٌ فارعٌ | فيها وأيٌ بارعٌ يتمِّمهْ |
يجمعُ بين كلِّ ضدين له | حتى تصافى سيفه وقلمهْ |
ما خلبتْ من اصطفاك برقة ٌ | فيك ولا أخلفه توسُّمهْ |
لمّا قضى قاضي القياس عنده | من هائبُ الأمرِ ومن مقتحمهْ |
ومن أخو الفخر إذا ما أشكلتْ | مذاهبُ الفخر وخيفتْ ظلمهْ |
شمَّ الذليلُ التربَ رغما ووُقي | أنفُ الحميِّ أن يُضامَ شممهْ |
ما للحسود فرصة ٌ يعيبها | منك ولا ذنبٌ عليك ينقمهْ |
بلى خلالٌ قد شجاه غيظُها | ينفثه طورا وطورا يكظمهْ |
يكتمها واللهُ يبدي فضلها | كالشيب صاح باسمه من يكتمهْ |
اسمعْ لها كما احتبتْ بنورها | غنَّاءُ يُوشى بردها ويعلمهْ |
درَّ لها نوءُ السِّماك وخبا | من وهج القيظِ عليها مرزمُهْ |
تزاحمتْ مصطخبا نباتُها | بحيث هبهابُ الرياح زمزمُهْ |
عرضك منها عبقاً معرَّفٌ | عرفَ اليلنجوج ذكيّا فحمُهْ |
شاهدة لمفصح فاهَ بها | أن الكلامَ الحرَّ عبدٌ يخدمُهْ |
إذا رآك الناسُ في وشاحها | تحمله مقلَّدا أو تفغمهْ |
تعجّبوا من شكلها في حمله | وصفك منظوماً ومنه أنظمُهْ |
كلُّ كريم منطقٍ شاعرهُ | وأنتَ من فرط السماح تفحمُهْ |