حملوك لو علموا من المحمولُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
حملوك لو علموا من المحمولُ | فارتاض معتاصٌ وخفَّ ثقيلُ |
واستودعوا بطنَ الثرى بك هضبة ً | فأقلَّها إن الثرى لحمولُ |
هالوا الترابَ على دقيقٍ شخصهُ | معنى التراب وقد حواه جليلُ |
جسدٌ حبستَ على التبلُّغ زاده | فسمنتَ من طرفيك وهو هزيلُ |
لو تعقلُ الدنيا بأيّ بقية ٍ | زال الردى عنها وأنت تزولُ |
علمتْ ببيعك أنّ يومكَ صفقة ٌ | مغبونة ٌ ومن البيوع غلولُ |
ويلُ أمّها لا يستقيل عثارها | عذرٌ وأين من الحمام مقيلُ |
جهل الزمان على عداوته بها | ومن النوائب عارفٌ وجهولُ |
لم يرعَ صحبتك القديمة َ عازفا | عنها وأين من الوفاء ملولُ |
غدرتْ بك الأيامُ بعد وثيقة ٍ | كربُ العراقي حبلُها المفتولُ |
أفلم يرعها منك نفسٌ حرّة ٌ | كنتَ الوحيدَ بها وأنت قبيلُ |
غنيتْ عن الآمال باستعفافها | ولكلّ صاحبِ حاجة ٍ تأميلُ |
ورأت على بعد السؤال نصيبها | إنّ النباهة َ بالسؤال خمولُ |
ما عابها ذمُّ الحسود إباءها | ولها الصيانُ ووجههُ المبذولُ |
لو شئتَ نلتَ بها السماءَ وفسحة ً | في المال تبذُلُ فضلها وتنيلُ |
ولما عداك كثيرُ حظٍّ عازبٍ | لما فطنت كفاك منه قليلُ |
ولقلَّدتك على الأمور قلائداً | جيدُ الزمان بحليهنّ ثقيلُ |
من صائداتٍ صائباتٍ مقتلا | وهوى فمأسورٌ بها وقتيلُ |
يوماً تكون أسنَّة ً مذروبة ً | لوليجها خلفَ الدروع وصولُ |
لا يبلغُ المسبار قعرَ جراحها | وبه وفى كفّ المعالج طولُ |
فإذا وسمنَ على لئيم عرضهُ | عارا فليس لما علطنَ نصولُ |
ويطفن يوما بالملوك حواليا | تحفاً لهنّ الشَّمُّ والتقبيلُ |
أبكارهنّ المطمعاتُ نواشز | وإناثهنّ المغزلاتُ فحولُ |
من كلّ بيتٍ أمره بك نافذٌ | وعلى اشتطاطك حكمه مقبولُ |
وجه الصحيفة حطَّ عنه لثامُها | حسنٌ على قبح المدادِ جميلُ |
وصفَ الرجالُ المعجبون نفوسهم | سرف المقالِ وكنتَ حيث تقولُ |
يا ناشد الكلم الغرائب أعرضت | شبها فليس لآيها تأويلُ |
قم نادِ في النادي ألابن نباتة ٍ | أذنٌ فيسمع أو فمٌ فيقولُ |
واسئل غطارفَ من تميمٍ أمُّهم | يوم انطوى عبد العزيز ثكولُ |
لمَ أغمدتْ عن نصره أسيافكم | ولسانه من دونكم مسلولُ |
أو ما لبستم ما كسا أعراضكم | رقشاءَ يعرضُ نسجُها ويطولُ |
ضيّعتمُ رحما رعاها برهة ً | ويبيسها بكِلامها مبلولُ |
بادون عنك وأين منك غناؤهم | لو أنهم حيّ لديك حلولُ |
شنَّت عليك مغيرة ٌ لا تقتضى | ذحلا ولا يودى لها مقتولُ |
غابوا وأشهدك الوفاءُ عشيرة ً | منا فروعهم الكرامُ أصولُ |
ويحول عهدُ بني أبيك وودّهم | لك والتراب عليك ليس يحولُ |
أكرومة في حفظك اعتقلوا بها | إذ لا يُرى لأخي القبور خليلُ |
يبني بنو عبد الرحيم سياجها | حوطا عليك كما يحاط الغيلُ |
وإذا ابن أيوبٍ جرى فوراءه | وادٍ على الأعداءِ منك يسيلُ |
وفتى ً من الأزدِ اغتمزت قناته | لدنا فمال هواه حيث يميلُ |
أوليته في عنفوانِ شبابه | خيرَ الذي يولي الشبابَ كهولُ |
فتركته وإذا سخطتَ أخاً سلا | أرضتك منه زفرة ٌ وغليلُ |
وليعطينَّك حقّ سبقك قاضيا | دينَ الوفاء ودينهُ ممطولُ |
منّى أخٌ إن ينأَ عنك ولاده | فودادهُ بك لاصق موصولُ |
أسيانُ طابت نفسه لك بالفدى | عن نفسه لو أنه مقبولُ |
عقلَ السلوُّ من العيون وإنّ لي | عيناً عليك وكاؤها محلولُ |
تجد الدموعَ المقذيات جلاءها | حتى كأنّ الدمعَ فيها الميلُ |
قد صرَّحت بضميرها الدنيا لنا | طلباً لفطنتنا ونحن غفولُ |
ما ذا المطالُ لمقتضٍ إملاؤه | عجلٌ وموعدُ صبره تعليلُ |
ويسوءني جذلى بعاجلِ وقفة ٍ | عند اليقين بما إليه يؤول |
أعمى وقد أبصرتُ كم من غائبٍ | ما بعد رحلته إليّ قفولُ |
وأخ سبيلي في الحياة سبيله | ملقى ً إليّ وما إليه سبيلُ |
أحثو عيونا بالتراب يروعني | بالأمس فيها الإثمد المكحولِ |
وأظلُّ أسمح للصعيد بأوجهٍ | قلبي بهنّ على الشحوبِ بخيلُ |
بكرت على الزوراء من شرقيِّها | سحماءُ خضراءُ الفعال هطولُ |
ملءُ الشِّنانِ إذا أظلَّت ساحة ً | ألقت فراعَ فؤادها التحويلُ |
تسقى أبا نصرٍ ثراك حميَّة ً | للفضل إن ذُمَّ الحيا المفضولُ |
وإذا احتشمتُ فلم أزر عرصاتهِ | إذ هنّ بعد الخصب منك محولُ |
وتشوقني آثارُ دارك ان أرى | منها مغاني الفضلِ وهي طلولُ |
قالوا طويلُ العمر قلتُ لذاكمُ | حزني عليه كما ترون طويلُ |
كثرت فضائلهُ بقدرِ بقائه | وقليلُ فضلٍ من مداه قليلُ |
أكل الزمانُ جماله شرَهاً فلا | شبعَ الزمانُ وشلوك المأكولُ |