ألا فتى يسألُ قلبي ماله
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
ألا فتى يسألُ قلبي ماله | ينزو إذا برق الحمى بدا له |
أصبوة ٌ إلى رخى ّ بالهُ | عن وجده تسقى البروقُ باله |
وهبه شامَ بارقا تبلّه | أرواحه فكيف شامَ خاله |
خاطفه كما اخترطت صارما | جاذب جهدُ قينهِ صقاله |
فهبَّ يرجو خبرا من الغضا | يسنده عنه فما روى له |
أراد نجدا معهببابلٍ | إرادة ً هاجت له بلباله |
وانتسم الريح الصبا ومن له | بنفحة ٍ من الصَّبا طواله |
وبالنخيل نائمٌ عن أرقى | ما استعرضَ الليلَ وما استطاله |
أحببتُ فيه كلَّ ما أحببته | حتى تعشَّقت له عذّاله |
أصغى إلى الواشي فحلَّ عهده | والغدرُ ما غيَّر عندي حاله |
وملّني على النوى ولم أكن | أحذرُ معْ بعاده ملاله |
مرَّ وبقَّاني أغادي ربعه | بجسدٍ يحسبه تمثاله |
ولا أكون كلفاً بحبّه | ما لم يناحل بدني أطلاله |
ويومَ ذي البان وما أسأرتُ من | ذي البان إلا أن أقول ما له |
وأفرختْ عن فتنٍ جفونه | سبتْ مهاة َ الرمل أو غزاله |
لا والذي لو عرف النَّصف حنا | على أسير الشوق أو أوى له |
لولا خشوعي لهواه لم يدسْ | ظهرَ الثرى من أجتدي نواله |
مشى فيا سبحان من عدّله | غصنا ويا سبحان من أماله |
إلا بنو عبد الرحيم فالندى | يعدّهمْ قبيله وآله |
قومٌ بأسمائهم استغنى الذي | أقسمَ لا يسأل خلقاً ماله |
مباركو الأوجه تلقى بهمُ | غرّة شهر الخصب أو هلاله |
إن أخلف الربيعُ واستخلفهم | على العباد فعلوا فعاله |
أو أثبتت أخلاقَ قوم نعمة ٌ | كانوا سيوفَ الدهر ورجاله |
واستخرجوا من طينة كانت بهم | عنصر بيت الفخر أو صلصاله |
بنى عليها يزدجردُ لهمُ | ما كان كسرى قبله بنى له |
صفَّتهم الأيام حتى استخلصت | منهم سلافَ المجد وزلاله |
يرى أبٌ من ابنه أنجب ما | سرَّ ابنَ غيل أن يرى أشباله |
لو ذارعَ الأفقَ غلامٌ منهمُ | ببيته لناله وطاله |
أو طالع السؤدد من ثنيّة ٍ | لعمِّه أبصر منها خاله |
وانتفض الملكُ فسلَّ منهمُ | مهندا صيَّره كماله |
ألقى إليه حبله فقاده | على السواء فهدى ضلاّله |
أبلجُ لا تبصرُ من هيبتهِ | جماله حتى ترى جلاله |
تنهال أطوادُ الخطوب حوله | فلا ترى منهن خطبا هاله |
شدَّ على الدولة ضبطا فهي لا | تجذبُ مذ ناط بها حباله |
قام لها وقام غيرانَ بها | وزارة ً ما صلحت إلا له |
خائفة ً تطلب من يجيرها | في الناس حتى علِّقت أذياله |
ولم تزل من قبل أن يقبلها | تكثرُ في العطف بها سؤّاله |
فظفرتْ بمن سلتْ كلّ أبى | غدرٍ بها مذ رزقت وصاله |
من بعد ما دارت زمانا صدَّه | بوجهه واحتملت دلاله |
أقرَّها تدبيره في منصبٍ | لو زاله المقدارُ ما أزاله |
بالصارمين سيفهِ ورأيهِ | نال من اشتراطها ما ناله |
وكرمٍ لو كاثر السُّحبَ به | لوازن القطارَ أو لكاله |
إذا سقى البحرُ المحيطُ ملحه | سقى السؤالَ معذبا سلساله |
تدفُّقٌ يريك ما أناله | تحت يديه واديا أساله |
لا يألم الفقرَ الذي محَّضه | يوما إذا عمّ الغنى سؤَّاله |
ولا يبالي أملا فات إذا | بلِّغ كلُّ طالبٍ آماله |
حبَّبه إلى النفوس خلُقٌ | لو ذاقه عدوُّه حلا له |
وبشرُ وجه لو سكبتَ ماءه | في كأسه حسبته جرياله |
والحلم حتى لو وزنتَ حلمهُ | إلى أبانَ لم يزن مثقاله |
مشت على محجَّة ٍ سويّة ٍ | أفعاله تابعة ً أقواله |
وقوَّد الناسَ بحبلِ عادلٍ | لم ينتكث مذ وليَ أنفتاله |
فمحسنٌ يرجوالنجاة َ عنده | إلى مسئٍ يتّقى نكاله |
والناس بين آمنٍ وخائف | كلُّ يرى حاضرة ً أعماله |
مَن حاملٌ ألوكة ً من ظالع | مخفّفٍ يبثُّها أثقاله |
قريبة ُ المطرح لاجياده | في طرقها ينضي ولا جماله |
يستأذن السؤددَ في إدآبها | والمجدَ حتى يليا إيصاله |
قل للوزير إن أصاخ سمعه | إلى الهوى المظلومِ أو وعى له |
يا لمحبٍّ مغضبٍ لو أنه | في حبكم مستعذبٌ خباله |
لو جدَّ في أن يستقيل ساعة ً | من الغرام بك ما استقاله |
تغيَّرُ الأحوال بالناس ولا | يغيِّر الوجدُ بكم أحواله |
نسى فيما يخطر يوما ذكرهُ | ببالكم وقد شغلتم باله |
ومُلَّ غيرَ واصلٍ وإنما ال | مملولُ من كاثركم وصاله |
تركتموه والزمانَ وحدهُ | ملاقيا بغدره أهواله |
مخاوضا بمنّة ٍ مضعوفة ٍ | بحاره مزاحما جباله |
منتبذا نبذَ الحصاة إن جفا | أو زار لم يحفلْ به إحفاله |
أين زماني الرطبُ فيكمتربتْ | يدُ زمان قلَّصتْ ظلاله |
وعهدى التالدُ فيكم ما الذي | بدّله عندكمُ أو غاله |
ها أنا أبكيه فهل من ردَّة ٍ وذلك البشر الذي ألفتُهُ منك حفِيًّا بِيَ ما بدا لَه | لفائتٍ على فتى ً بكى لهسقط بيت ص |
وملبسٌ هو الجمالُ لم تزل | تكسوه لمْ سلبتني سرباله |
الله يا أهل الندى في رجلٍ | إن فات عزَّ أن تروا أمثاله |
لا تلدُ الأرضُ الولودُ أبدا | لنصرِ أحسابكمُ أخا له |
أنتم ربيعي فإذا أعطشتمُ | أرضي من يبلُّ لي بلاله |
كيف يكون مثلا في صدّكم | مسيِّرٌ في مدحكم أمثاله |
قد طبّق الغبراءَ ما أرسلهُ | فيكم وليس تاركا إرساله |
من كلّ متروكٍ عليه شوطه | قد سلَّم السبقُ له خصاله |
لا تطمع النكباءُ أن تدركهُ | ولا يدُ الجوزاء أن تناله |
يجتمعُ الناسُ على توحيده | ويجلس الإفصاحُ إجلالا له |
فكلّ مسموعٍ سواه وثنٌ | يضلُّ من يعبده ضلاله |
أنشده مستعذبا لمثله | في زمني كأنّ غيري قاله |
يزوركم في كلّ يومِ غبطة ٍ | يختالُ في دوركم اختياله |
تعرَّفونَ فضلَ إقبالكمُ | إذا رأيتم نحوكم إقباله |
وقد عرفتم صدقهُ مبشِّرا | ويمنهُ إذا زجرتم فاله |
فكاثروا أبياتهُ بعددٍ | من عمركم وسايروا محاله |
واستخدموا الأقدارَ في أمركمُ | تسمعه وتسرعُ امتثاله |
لكم من الملك الذي أطابه | قاسمه بالعزّ وأطاله |
مكتسبٌ بسعيكم إلى العلا | حتى يكون حلوهُ حلاله |
وغدرة الأيامِ لعدوِّكم | أولى لمن عاداكمُ أولى له |