وفى لي الحظُّ الَّذي كانَ يغدرُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
وفى لي الحظُّ الَّذي كانَ يغدرُ | وصحَّ ليَ الدَّهرُ الّذي كانَ يتغيرُ |
وسالمي صرفُ القضاءِ وبيننا | فلولُ المواضي والقنا المتكسِّرُ |
وحسَّنتُ ظنِّي في الزَّمانِ وأهلهِ | فأصبحتُ أرجو وصلَ منْ كنتُ أحذرُ |
وعرَّفني فيمنْ رأى غاية َ العلا | فطالبها بالسَّعيِ كيفَ يشمِّرُ |
وكيفَ يغارُ الحرُّ منْ ثلمِ مجدهِ | فيدعمهُ بالمكرماتِ ويعمرُ |
حنُّواً وفي قلبِ الزَّمانِ قساوة ٌ | ورعياً لحقّي وابنُ أمّي يخفرُ |
ورفداً هنيئاً تستقلُّ كثيرهُ | وودّاً وما تسني منَ الودِّ أكثرُ |
عطاؤكَ كافٍ واعتذاركَ فضلة ٌ | وغيركَ لا يعطي ولا يتعذّرُ |
وفيتَ لآباءٍ تكلَّفتَ عنهمُ | فضائلَ ما سنُّوا الفخارَ وسيَّروا |
كرامٌ طواهمْ ما طوى النَّاسُ قبلهمْ | وأنتَ لهمْ منْ ذلكَ الطيِّ منشرُ |
مضوا سلفاً واستخلفوكَ لذكرهمْ | خلوداً فلمْ يخزِ القديمَ المؤخرُ |
وأبقوا حديثاً طيِّبا منكَ بعدهمْ | وقدْ علموا أنَّ الأحاديثَ تؤثرُ |
وزنَّاهمُ بالنَّاسِ بيتاً وأنفساً | فزلَّتْ موازينٌ وزادوا وثمّروا |
وجئتَ بمعنى زائدٍ فكأنّهمْ | وما قصَّروا عنْ غاية ِ المجدِ قصَّروا |
وإنْ أبا ابقاكَ مجداً لعقبهِ | وإنْ عبطتهُ ميتة ٌ لمعمِّرُ |
أقولُ لركبٍ كالأجادلِ طوَّحتْ | بهمْ قامصاتٌ كالأهلَّة َ ضمّرُ |
على قممِ البيداءِ منها ومنهمُ | إذا خفقَ الآلُ الملاءُ المنشَّرُ |
رمتْ بهمْ الحاجاتُ كلَّ مخوفة ٍ | إذا سارَ فيها النَّجمُ فهوَ مغرِّرُ |
إذا الليلة ُ العمياءُ منها تصرَّمتْ | تولاَّهمُ يومٌ منَ التِّيهِ أعورُ |
رأوا رزقهمْ في جانبٍ متغذِّرا | تطاولهُ أعناقهمْ وهي تقصرُ |
خذوا منَ زعيمِ الملكِ عهداً على الغنى | وردُّوا المطايا فاعقلوها وعقِّروا |
دعوا جانبَ البرِّ العسوفِ وحوِّموا | عل البحرِ بالآمالِ فالبحرُ أغزرُ |
ولا تحسبوا أفعالَ قومٍ ذللتمُ | عليها كما تروي الأسامي وتذكرُ |
فما كلُّ خضراءَ منَ الأرضِ روضة ٌ | ترادِ ولا كلُّ السَّحائبِ تمطرُ |
ببغدادَ في دارِ السلامَ محجبٌ | على عادة ِ الأقمارِ يخفى ويظهرُ |
إذا كتمتهُ رقبة ٌ أو مكيدة ٌ | وشى بمعاليهِ العطاء المشهَّرُ |
كريمٌ يرى أنَّ الغنيَّ تركهُ الغنى | وأنَّ اتقاءَ الفقرِ بالفقرِ مفقرُ |
غلامٌ إذا ما عدَّ أعدادَ سنّهِ | ويومَ قضاءَ الحزمِ شيخٌ موقَّرُ |
تمرَّنَ طفلاً بالسِّيادة ِ مرضعا | يدرُّ عليهِ خلفها ويوفِّرُ |
لهُ من مقاماتِ الملوكِ صدورها | يقدِّمُ فيها إذنهُ ويؤخرُ |
زعيماً على التَّدبيرِ لاهو حاجة ً | يعانُ على أمرٍ ولا هوَ يؤمرُ |
لهُ منْ سرايا رأيهِ ولسانهِ | إذا نازلَ الأقرانَ جيشٌ مظفَّرُ |
وأهيفُ يسري في العظائمِ حدُّهُ | ومنظرهُ في العينِ يضوي ويصغرُ |
ترى الرزقَ والآجالَ طوعَ قضيَّة ٍ | تخطُّ على أمريهما وتسطِّرُ |
ومرٌّ على الشُّحناءِ حلوٌ على الرِّضا | وللضيمِ يحلو لي فلا يتمرَّرُ |
ضحوكٌ إذا حكمتهُ متطلقٌ | وأشوسُ إنْ نازعتهُ متنمِّرُ |
كفى الملكُ ما استكفتْ لحاظٌ جفونها | وأغناهُ ما أغنى عنِ الكفِّ منسرُ |
وقامَ لهُ بالنُّصحِ يثبتُ رجلهُ | على زلقٍ فيهِ الفتى يتعثرُ |
فإنْ شكرتَ كفٌّ بلاءَ مهنَّدٍ | قضى نذرها فالملكُ لا شكَّ يشكرُ |
لكَ اللهُ مولى نعمة ٍ ومفيدها | وغارسها منْ حيثُ تزكو وتثمرُ |
ومستعبداً حرَّ القلوب وفاؤهُ | وحرَّ الكلامِ مالهُ المتيسِّرُ |
جرى الخلفُ إلاَّ في علاكَ فأبصرَ ال | مقلِّدَ فيها واستقالَ المقصِّرُ |
وقالَ بقولي فيكَ كلُّ محدثٍ | يرى أنَّني ما قلتُ إلاَّ وأخبرُ |
وعنَّفَ قومٌ حاسديكَ جهالة ً | وذمُّوا وهمْ بالحمدِ أولى وأجدرُ |
إذا عرفوا الفضلَ الّذي حسدوا لهُ | فتلكَ لهمْ مجدٌ يعدُّ ومفخرُ |
أعاذكَ منْ عينِ الكمالِ الّذي قضى | بهِ لكَ قسماً فهويقضي ويقدرُ |
ولا غشيتَ ظلماءُ إلاّ وفجرها | برغمِ العدا عمّا تحبونَ يسفرُ |
فما تصلحُ الدّنيا ومنْ غيركمْ لها | أميرٌ مطاعٌ أو وزيرٌ مدبِّرُ |
ولا عدمَ المدحُ الموفّى أجورهُ | بكمْ وهو في قومٍ سواكمْ مسخَّرُ |
مواسمُ في أبياتكمْ بعراصها | تحطُّ وعنها في الثَّناءِ تسيَّرُ |
تناوبكمْ منهُ سحائبُ ثرَّة ٌ | تروحُ على أغراضكمْ وتبكِّرُ |
تسوقُ مطاياها رياحٌ زكيَّة ٌ | بما حملتْ منْ وصفكمْ تتعطَّرُ |
إذا عرضتها الصُّحفُ شكَّ رواتها | أوشيُ حريرٍ أمْ كلامٌ محبَّرُ |
تفيدُ قلوبَ السَّامعينَ توقُّرا | لها واهتزازاً فهي تصحي وتسكرُ |
إليكَ زعيمَ الملكِ لانتْ رقابها | وذلَّتْ وفيها عزَّة ٌ وتغشمرُ |
رأتكَ لها أهلاً فلانَ عصيُّها | لديكَ وقالتْ في فنائكَ أُحشرُ |
إذا زاركَ النيروزُ عطلاً فإنَّهُ | يطوِّقُ منْ أبياتها ويسوِّرُ |
وغاليتَ في أثمانها فشريتها | ربيحاً فظنَّ الغمرُ أنَّكَ تخسرُ |
إذا المرءُ أعطاني كرائمَ مالهُ | ليأخذَ شعري فهو منِّي أشعرُ |