من جبَّ غاربَ هاشم وسنامها
مدة
قراءة القصيدة :
5 دقائق
.
من جبَّ غاربَ هاشم وسنامها | ولوى لؤيّاً فاستزلَّ مقامها |
وغزا قريشا بالبطاح فلفَّها | بيدٍ وقوَّضَ عزَّها وخيامها |
وأناخ في مضرٍبكلكلِ خسفهِ | يستامُ واحتملتْ له ما سامها |
من حلَّ مكّة فاستباح حريمها | والبيتُ يشهد واستحلَّ حرامها |
ومضى بيثرب مزعجا ما شاء من | تلك القبور الطاهراتِ عظامها |
يبكي النبيُّ ويستنيحُ لفاطم | بالطَّفِّ في أبنائها أيامها |
الدين ممنوعُ الحمى من راعه | والدار عالية ُ البنا من رامها |
أتناكرتْ أيدي الرجال سيوفها | فاستسلمتْ أمْ أنكرتْ إسلامها |
أم غال ذا الحسبين حامى ذودها | قدرٌ أراح على الغدوِّ سوامها |
فتقامصتْ ملسوعة ً بشتاتها | تسمُ المذلَّة ُ بُزلها ووسامها |
أخلقْ بها مطرودة ً من بعده | تشكو على قرب الحياض أوامها |
لمن الجيادُ مع الصباحِ مغارة ً | تنضى الظلامَ وما نضى أجسامها |
صبغَ السوادُ ولم تكن مسبوقة ً | أعرافها ظلما وعمَّ لمامها |
من كلّ ماشية ِ الهوينا أنكرتْ | شقّاتها واستغربت إحجامها |
جرداءَ تسأل ظهرها عن سرجها | وتجرُّ حبلا لا يكون لجامها |
بكر النعيُّ من الرضيِّ بمالكٍ | غاياتها متعوّدٍ إقدامها |
كلح الصباحُ بموته من ليلة ٍ | نفضت على وجه الصباح ظلامها |
صدع الحمام صفاة آلِ محمّدٍ | صدعَ الرداءِ به وحلَّ نظامها |
بالفارسالعلويِّ شقَّ غبارها | والناطق العربيِّ شقَّ كلامها |
سلب العشيرة َ يومه مصباحها | ورمى الردى عمَّالها علاَّمها |
برهانُ حجّتها الذي بهرت به | أعداءها وتقدّمت أعمامها |
دبَّرتها كهلا وسدتَ كهولها | ترضي النفوسَ وكنتَ بعدُ غلامها |
النصُّ مرويٌّ وكنتَ دلالة ً | مشهورة ً لما نصبتَ إمامها |
قدَّمتَ فضلتها وجئتَ فبرَّزتْ | سبقا خطى ً لك أحرزتْ إقدامها |
كم رضتَ بالإرفاق نخوة َ عزَّها | والعسفِ حتى جمَّعتْ أحلامها |
ولقد تكون مع الفظاظة ِ رحمة ً | وعلى جفائك واصلا أرحامها |
قوّدتها للحقّ إذ هي ناشطٌ | لا تستطيع يدُ الزمان خطامها |
حتى تصالحت القلوبُ هوى ً على | إعظامها وتصافحتْ إجرامها |
فلئن مضى بعلاك دهرٌ صانها | فلقد أتى برداك يومٌ ضامها |
يومٌ إذا الأيامُ كنَّ سوانحا | بالصالحات وعدَّ فيها شامها |
من حطَّ هضبتك المنيفة َ بعدما | عيى الزمانُ فما استطاعَ زحامها |
ورقى إباءك فاستجاب بسحره | صمّاءَ لم تعطِ الرُّقى أفهامها |
فضَّ الحمامُ إليك حلقة َ هيبة ٍ | ما خلتُ حادثة ً تفضُّ ختامها |
واستعجلتك يدُ المنون بحثّها | قبلَ السنينَ وما اطلعتَ تمامها |
أفلا تطاعنُ دون مبلغك الردى | خيلٌ أطلت لحاجة إلجامها |
وتقومُ حولك سمحة ً بنفوسها | عصبٌ على العوجاء كنتَ قوامها |
وبلى وقتك لو انّ قرنك يتَّقي | ما خلفها طعنا وما قدّامها |
ولعرَّضت في الذبِّ دونك أوجها | للضرب أكثرت السيوف لطامها |
تلقى الحديدَ بمثله من صبرها | فتخالُ من أدراعها أجسامها |
ما ضرّها لما ضفتْ أعراضها | جنناً لها أن لم تسربلْ لامها |
تحميك منها كلُّ نفسٍ مُرَّة ٍ | يحلو فداءكَ أن تذوق حماما |
لكن أصابك عائرٌ من مخلسٍ | لا تضبط الحدقُ الحسانُ سهامها |
وصلت بلا إذنٍ وأنت محجَّبٌ | وقضت عليك فلم تفتْ أحكامها |
سفرت بك الأخبارُ حين سألتها | درداً فليتني استطلتُ لثامها |
ورأيت ساعتك التي فجئت فخل | تُ الساعة َ اقتربت بها وقيامها |
حلَّ الملوكُ لك الحبى وتسلَّبتْ | قممٌ عمائمها استنبنَ كمامها |
تستافُ تربك تشتفي بشميمه | من داءِ فقدك وهو جرَّ سقامها |
ومشت على رمض الهجيرِ أخامصٌ | ربت النعيم فما شكت أقدامها |
أبكيك للدنيا التي طلَّقتها | وقد اصطفتك شبابها وعرامها |
ورميتَ غاربها بفضلة معرضٍ | زهدا وقد ألقت إليك زمامها |
والأرض كنتَ على قفارة ِ ظهرها | علما إذا كتمَ الدجى أعلامها |
ولدتك ثم تحوّلتْ لك في أخ | وعلى بنيها الكثرِ كنتَ عقامها |
ولقولة ٍ عوصاء أرتج بابها | ففتحته لمّا ولجتَ خصامها |
وقلائدٍ قذفت بحارك درَّها | وقضى لسانك رصفها ونظامها |
هي آية العربِ التي انفردتْ بها | راعيتَ فيها عهدها وذمامها |
كم معجزٍ منها ظهرت بفضلهِ | سيرَ الرجال فلم تجدْ أفهامها |
وغريبة ٍ مسحتْ يداك مؤانسا | منها النفورَ ومفصحا إعجامها |
حمَّستَ حتّى قيل صبَّ دماءها | وعزلتَ حتّى قيل صبَّ مدامها |
ماتت بموتك غيرَ ما خلّدته | في الصحف إذ أمددته أقلامها |
قد كنتَ ترضاني إذا سوَّمتها | تبعا وأرضى أن تسير أمامها |
وإذا سمعتَ حمدتَ صفوى وحده | وذممتَ غشَّ القائلين وذامها |
فتركتني تركَ اليمين شمالها | فردا أعالج فاتلا إبرامها |
حيرانَ أسألُ أين منك رفادتي | دهش البنانِ تفقدَّت إبهامها |
لا سامعٌ يصغي ولا ذو قولة ٍ | أصغي له يا وحدتي ودوامها |
فبرغم أنفي أن أبثَّك لوعتي | والأرضُ قد بثَّت عليك رغامها |
وأبى الوفاء إذا الرجال تحرَّجتْ | حنثَ اليمين فحلّلت أقسامها |
لأساهرنَّ الليلَ بعدك حسرة ً | إن ليلة ٌ عابت حزينا نامها |
ولأشرجنَّ عن العذول على الأسى | أذناً محرَّمة ً على من لامها |
ولأبدلنَّ الصبرَ عنك بقرحة ٍ | في الصدر لا يجد الدواءُ لحامها |
أبكى لأطفئها وأعلمُ أنني | بالدمع محتطبٌ أشبُّ ضرامها |
عصرَ الغمامُ ثراك ثم سقى به | أرضا تظلمُ مذ فقدتَ غمامها |
بك أو بجدِّك أو أبيكَ نغاث في ال | سّقيا إذا الشهباءُ خفنا عاما |
فسواك لو كان المقيمُ بحفرة ٍ | يبسٍ لقلت سقى السحابُ رمامها |