اللَّيلُ فالأرضُ للِّيثِ الشَّرى
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
اللَّيلُ فالأرضُ للِّيثِ الشَّرى | عرَّسَ يبغي راحة ً أو سرى |
فتارة ً مفترشاً غابة ً | وتارة ً مفترساً مصحرا |
والظَّفرُ الحلوُ لهُ إنْ عفا | عمداً وإنْ نيَّبَ أو ظفَّرا |
مرَّ على هزَّة ِ ألبادهِ | يكبرُ أنْ يؤمرْ أو يزجرا |
يرى منَ العزِّة ِ في نفسهِ | مالمْ يكنْ ما حضُ نصحٍ يرى |
أغلبْ لم يخلقْ ركوبَ المطا | سهلا ولم يقصرْ لخزمِ البرى |
فما تريدُ اليدُ منْ مقودٍ | يرجعُ عنها باعها أبترا |
للهِ رامٍ سهمهُ رأيهُ | إذا رأى شاكلة ً فكَّرا |
يطيعُ منْ عزمتهِ مقدماً | ما غلَّسَ النَّهضة َ أو بكّرا |
تنصرهُ الوثبة ُ منْ أنْ يرى | مستصرخَ الخلسة ِ مستنصرا |
لا تجذبُ الأوطانُ منهُ ولا | يخدعهُ للضِّيمِ طيبُ الكرى |
يأنسُ بالنِّعمة ِ ما ساندتْ | جنباً منسيعاً وحمى ٍ أعسرا |
فإنْ مشتْ في جوِّها ذلِّة ٌ | رابكَ مذعورا ومستنفرا |
ليمَ على غشمتهِ فاتكٌ | هلاَّ ارتأى فيها وهلاَّ امترى |
وقيلَ لو علَّلَ مستأمناً | والدَّاءُ إنْ موطلَ يوماً سرى |
وكمْ جنى الرَّيثُ على حازمٍ | فودَّ لو قدَّمَ ما أخَّرا |
يا فارسَ الغرَّاءِ يرمي بها | سهلَ العنانِ الجانبَ الأوعرا |
يردُّ منْ غرَّتها معتماً | على الدآدي غلساً مقمرا |
ينصُّ منْ أرساغها والمطا | إما جناحاً طارَ أو منسرا |
قلْ لعميدِ الدَّولة ِ أفلحْ بها | قدْ سلَّمَ الخصمُ وزالَ المرا |
فانظرْ إلى الأعقابِ من صدرها | لا بدَّ للمعتمِ أنْ يفجرا |
ركبتها بزلاءَ مخطومة ٍ | تحملُ منكَ الأسدَ القسورا |
ترمي بدارِ الذُّلِّ من خلفها | ظهراً وتبغي في العلا مظهرا |
ناجيَّة ً تأخذُ منْ حظِّها | مقبلة َ ما تركتْ مدبرا |
حتى استقلَّتْ بكَ بحبوحة ٌ | تشرفُ بالبادية ِ الحضَّرا |
محميَّة َ الأرجاءِ أنْ هيِّجتْ | زعزعتْ الأبيضَ والأسمرا |
تذكركَ المجدَ بوفدِ الجدا | وسامرَ اللَّيلِ ونارَ القرى |
وغلمة ً حولك منْ عامرٍ | شرطكَ مدعوَّاً ومستنصرا |
تحسبها إنْ غضبتْ جنَّة ً | وجانبَ الزَّابَ بها عبقرا |
تأمرُ في ذاكَ وتنهى بما | أنفتَ انْ ينهى وأنْ يؤمرا |
عدوَّكَ الآملُ ما لا يرى | أصبحَ منْ بعدكَ مستوزرا |
دعوة ُ داعٍ لم يجدْ حظَّهُ | أشقى لهُ منكَ ولا أخسرا |
قدْ أنكرتْ بعدكَ خطَّابها | فلا ترى كفئاً ولا ممهرا |
وابتذلتْ حتى غدا ظهرها | أجلبَ مما ركضتْ أدبرا |
بينَ بني العاهاتِ منبوذة | يزاحمُ الأعمى بها الأعورا |
واستامها المفلسُ لمَّا غدتْ | تباعُ بالفلسِ فلا تشترى |
كانتْ بكمْ مغنى هوى ً آهلاً | فاليومَ أضحتْ طللاً مقفرا |
وساقها سالبها ظلَّكمْ | للذئبِ يرعى سرحها مصحرا |
دامية ً منْ ندمٍ كفَّهُ | يأكلها الإبهامُ والخنصرا |
ينشدُ منكمْ وطرافاتهُ | ويسألُ الرُّكبانَ مستخبرا |
كعاشقٍ فارقَ أحبابهُ | طوعاً وسامَ اللَّيلَ طيفَ الكرى |
أينَ لهُ أينَ بكمْ نادماً | معتذراً إلاَّ بأنْ يعذرا |
ما أخلقَ العاثرَ يمشي بهِ | كسيرهُ أنْ يبتغي مجبرا |
لا يعرفُ المعروفَ في أمرهِ | معمَّرٌ حتى يرى المنكرا |
يا نعمة ً ما صاحبتْ صاحباً | وعقلة ُ النِّعمة ِ أنْ تشكرا |
غداً يوافيكَ بأيمانه | جاحدكَ الغامطُ مستبصرا |
بغدرة ٍ يرغبُ في بسطها | وزلَّة ٍ يسألُ أنْ تغفرا |
فثمَّ فارددْ قادراً رأيكَ ال | شاردَ وابردْ صدركَ الموغرا |
واجرِ منَ الصَّفحِ على عادة ٍ | مثلكَ مستولٍ عليها جرى |
والتحمْ الجرحَ فقدْ طوَّحتْ | جنباهُ بالمسبار واستنهرا |
بادرْ بها الفوتَ فما شلوها | أوَّلَ ميتٍ بكَ قدْ أنشرا |
واركبْ مطاها فقدْ استخضعتْ | ذلاًّ لأنْ تلجمَ أو تثقرا |
وروِّضْ البعدَ وتأديبهُ | لكَ الرِّقابَ الذُّلَّ والأظهرا |
غرسٌ فتيٌّ أنتَ أنشأتهُ | فلا تدعْ غيركَ مستثمرا |
ما أسَّسَ القادرَُ إلاَّ بنى | علواً ولا يخلقُ إلاَّ فرى |
واسئلْ مواعيدي في مثلها | هلْ أخلفتْ أو كذَّبتْ مزجرا |
لو نزلَ الوحيُ على شاعرٍ | قمتُ بشيراً فيكمْ منذرا |
أو أدعى المعجزَ منْ ليسَ بال | نبيِّ كنتُ المعجزَ المبهرا |
كمْ آية ٍ لي لو تحفظَّتمُ | بها وفألٍ بعلاكمْ جرى |
يشكرُ مقروءاً ويشكو إذا | صحَّ الذي حدَّثَ أو خبَّرا |
لا حقُّ منْ قدَّمَ حقَّاً بهِ | يعطى ولا فوزة ُ ما يشترى |
وجلُّ حظِّي عندكمْ فيهِ ما | أجودَ ما قالَ وما أشعرا |
تناسياً منْ حيثُ تقضي العلا | وتوجبُ القدرة ُ أنْ أذكرا |
كنتمْ ربيعي وثرى أرضي | يلقى الحيا ظمآنَ مستبشرا |
فما لربعي دارساً هامداً | مذ صرتمْ الأنواءَ والأبحرا |
إليكمْ الصَّرخة ُ لا منكمُ | ما أخونَ الحظَّ وما أجورا |
قدْ أكلتني بعدكمْ فترة ٌ | ما أكلتْ إلاَّ فتى ً مقترا |
واستعذبتْ لحمي وإنْ لم تجدْ | إلاَّ ممرَّاً طعمهُ ممقرا |
كنتُ على البلِّة ِ منْ مائكمْ | منتفضاً في ورقي مصفرا |
فكيفَ حالي ونوى داركمْ | قدْ منعَ القطرة َ أنْ تقطرا |
منْ لي بصونِ العمرِ في ظلِّهِ | سنيَّ أحصيهنَّ والأشهرا |
ومنْ لكمْ غيري طباقُ الملا | ما راضهُ فيكمْ وما سيِّرا |
حتى لقدْ سمِّيَ بكمْ مسرفاً | حيثُ يسمَّى مادحاً مكثرا |
أقسمتُ إنْ فاتكمْ الدَّهرُ بي | ليندمنْ بعدي منْ قصَّرا |
يا عروتي الوثقى أعدْ نظرة ً | في خلِّة ٍ منبوذة ٍ بالعرا |
تلافَ بالعاجلِ ميسورها | وصبْ لو مؤتشلاً منزرا |
واضمنْ على جودكَ منْ أجلِ ما | قدْ أنعمَ الوادي وعمَّ الثَّرى |
ولا تدعني ودعاءُ الصَّبا | في معشرٍ أشقى بهمْ معسرا |
نبِّهْ على أنْ أختصاصي بكمْ | يخرجكمْ بالرَّغمِ مني يرا |
واطلعْ طلوعَ البدر ما ضرَّهُ | سراراهُ ليلة ً ما أقمرا |
واستخدمْ النيروزَ واسعدْ به | مستعملاً في العزِّ مستعمرا |
يومٌ منَ الأيامِ لكنْ رأى | لهُ عليها الفضلَ والمفخرا |
كأنَّهُ منْ نخوة ٍ قلَّدَ ال | تسويدَ عنْ أمركَ أو أمَّرا |
ينسبُ كسرى فإنْ أختاركمْ | ديناً فقدْ وافقكمْ عنصرا |
يقسمُ والصِّدقُ قمينٌ بهِ | بما حبا الأرضَ وما نوَّرا |
أنَّكَ تبقى مالكاً خالداً | ما ردَّ منهُ الدَّهرُ أو كرَّرا |