عنوان الفتوى : حكم مارسة الجنس مع متزوجة على النت
مارست الجنس مع متزوجة على النت فقط. هل يعتبر زنا؟ وهل يجب عليَّ إخبار زوجها؛ لكي أستحله؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الشرع الحكيم قد سمى بعض التصرفات من الأقوال أو الأفعال زنى، كما في الحديث الذي رواه البخاري ومسلم -واللفظ لمسلم- عن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطى، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه.
وهي وإن لم تكن من الزنا الحقيقي الموجب للحد، إلا أن تسمية الشرع لها زنى دليل على خطورتها؛ لكونها وسيلة للزنا الحقيقي. وهذا من سد الذرائع إلى الحرام، ولذلك قال تعالى: وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا {الإسراء:32}.
جاء في تفسير ابن كثير -رحمه الله-: يَقُولُ تَعَالَى ناهيا عباده عن الزنا، وعن مقاربته، ومخالطة أسبابه ودواعيه: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً... اهـ.
وقال السعدي -رحمه الله- في تفسيره: والنهي عن قربانه أبلغ من النهي عن مجرد فعله؛ لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه، فإن "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه"، خصوصًا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه. اهـ. ولمعرفة تعريف الزنا الحقيقي انظر الفتوى: 125770.
ويعظم الإثم بفعلك ذلك مع امرأة متزوجة؛ لما فيه من الجناية على عرض زوجها. فالواجب عليك المبادرة للتوبة النصوح، وسبق بيان شروطها في الفتوى: 29785.
والراجح أنه لا يجب إخبار الزوج بما حصل، أو استحلاله فيه، بل يكفي كثرة الدعاء له، والاستغفار؛ رجاء أن يرضيه الله سبحانه، كما بينا في الفتوى: 122218.
والواجب الحذر مما يقود إلى الوقوع في هذه الفتن من التساهل في التعامل مع النساء، وهو باب قد جاء التحذير منه، ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، قال: إن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها، فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا، واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
والله أعلم.