أرشيف المقالات

مع القرآن (من لقمان إلى الأحقاف ) - قل إني نهيت أن أعبد الذين تدعون من دون الله

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
{قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} :أمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم بإعلان عقيدة الإسلام القائمة على الكفر بكل ما يعبد من دون الله أو تقدم طاعته على طاعة الله أو يقدم اتباعه على اتباع الله أو يرفع هديه على هدي الله وصراطه المستقيم الواضح.فالله أحق بإخلاص العبادة له وحده من كل وجه فهو الذي خلق الإنسان من عدم  فسواه و طوره و رعاه , من تراب ثم من نطفة إلى علقة إلى الاستواء البشري كامل الخلقة ثم هو يرعاه في حياته و يرزقه و يحفظه , ثم هو يتوفاه و يجازيه بعمله إن خيراً فخير و إن شراً فشر , مقاليد الأمور بيده و أمره بين الكاف و النون إذا أراد شيئاً قال له كن فيكون.

قال تعالى:{  قل إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ وَلِتَبْلُغُوا أَجَلًا مُسَمًّى وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ * هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ }  [ غافر 66 – 68]قال السعدي في تفسيره:لما ذكر الأمر بإخلاص العبادة للّه وحده، وذكر الأدلة على ذلك والبينات، صرح بالنهي عن عبادة ما سواه فقال: { {قُلْ} } يا أيها النبي { {إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} } من الأوثان والأصنام، وكل ما عبد من دون الله.ولست على شك من أمري، بل على يقين وبصيرة، ولهذا قال: { {لَمَّا جَاءَنِيَ الْبَيِّنَاتُ مِنْ رَبِّي وَأُمِرْتُ أَنْ أُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ } } بقلبي ولساني، وجوارحي، بحيث تكون منقادة لطاعته، مستسلمة لأمره، وهذا أعظم مأمور به، على الإطلاق، كما أن النهي عن عبادة ما سواه، أعظم مَنْهِيٍّ عنه، على الإطلاق.ثم قرر هذا التوحيد، بأنه الخالق لكم والمطور لخلقتكم، فكما خلقكم وحده، فاعبدوه وحده فقال: { { هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ تُرَابٍ } } وذلك بخلقه لأصلكم وأبيكم آدم عليه السلام.
{ { ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ } } وهذا ابتداء خلق سائر النوع الإنساني، ما دام في بطن أمه، فنبه بالابتداء، على بقية الأطوار، من العلقة، فالمضغة، فالعظام، فنفخ الروح، { {ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا } } ثم هكذا تنتقلون في الخلقة الإلهية حتى تبلغوا أشدكم من قوة العقل والبدن، وجميع قواه الظاهرة والباطنة.{ {ثُمَّ لِتَكُونُوا شُيُوخًا وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى مِنْ قَبْلُ} } بلوغ الأشد { {وَلِتَبْلُغُوا } } بهذه الأطوار المقدرة { {أَجَلًا مُسَمًّى} } تنتهي عنده أعماركم.
{ {وَلَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} } أحوالكم، فتعلمون أن المطور لكم في هذه الأطوار كامل الاقتدار، وأنه الذي لا تنبغي العبادة إلا له، وأنكم ناقصون من كل وجه.{ {هُوَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ} } أي هو المنفرد بالإحياء والإماتة، فلا تموت نفس بسبب أو بغير سبب، إلا بإذنه.
{ {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ } } { {فَإِذَا قَضَى أَمْرًا } } جليلاً أو حقيرًا { {فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} } لا رد في ذلك، ولا مثنوية، ولا تمنع.#أبو_الهيثم#مع_القرآن


شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣