هوَّنَ باللَّيلِ عليها الغررا
مدة
قراءة القصيدة :
6 دقائق
.
هوَّنَ باللَّيلِ عليها الغررا | أنَّ العلا مقيداتٌ بالسَّرى |
فركَّبتْ بسوقها رءوسها | حتى تخيلنا الحجولَ الغررا |
تحسبها عجرفة ً وورهاً | فيما ترى خابطة ً ليستْ ترى |
تنضى النَّهارُ شملة ً جونيَّة ً | وتلبسُ اللَّيلَ رداءً أخضرا |
ترى بما تجهضُ منْ سخالها | لحماً مضيغاً ودماءً هدرا |
علَّمها النَّومُ على رباطها | ذليلة ً أنْ تستطيبَ السَّهرا |
كلُّ ابنِ ذاتِ أربعٍ تحسبهُ | ذاتَ جناحينِ إذا تمطَّرا |
ينتشرُ الأرضَ فلا يردعه | كيفَ طواها عنقاً أو حضرا |
يرى الظَّلامَ بشهابيْ قابسٍ | لا يستميحانِ النُّجومَ خبرا |
تكارها شمسَ الضُّحى وأقسما | على الدُّجى لا يصحبانِ القمرا |
إنْ غابَ شخصُ مقلتيهِ أبصرتْ | أذناهُ هلْ خبِّرتَ سمعاً بصرا |
يلهبُ قرعُ السُّوطِ منهُ مرجلاً | يجيشُ صدراً ويجيشُ منخرا |
يعطي الشَّكيمَ ساءهُ أو سرَّهُ | لحياً أبيَّاً أو عذاراً أصعرا |
يظما فلا يشرعُ مسبوقاً على | صافية ٍ ولو تكونُ الكوثرا |
عافَ البقايا أنَّهُ منتتجٌ | في معشرٍ لا يشربونَ السُّؤرا |
يأنفُ منْ ماءِ الزكيِِّ أنَّهُ | في الأرضِ أو تسقي السَّماءُ المطرا |
كالنَّجمِ في نهارهِ وليلهِ | إما ارتفاعا سارَ أو منحدرا |
ذلكَ دأبُ ربَّهِ ودأبهُ | ما استقدما فشاورا التَّأخرا |
إذا أصابا وطراً من العلا | فذاكَ أو فيبلغانِ العذرا |
للهِ مفطورٌ على سوددهِ | إذا رأى العجزَ غماراً شمَّرا |
يصرفُ عنْ بيتِ الهوانِ وجههُ | وإن ضفتْ أفياؤهُ وخضرا |
يريهِ صدرَ اليومِ ما في غدهِ | رأيٌّ إذا الرأيُ أصرَّ أبصرا |
يأوي إلى بديهة ٍ في عزمهِ | تطلعهُ قبلَ الورودِ الصَّدرا |
تنصرهُ الوثبة ُ في أوانها | إذا الهوينى خانتِ المنتظرا |
لا يعلقُ الأعداءُ في أتباعهِ | بعينهِ فيعظمونَ الأثرا |
وكلُّ منْ قصَّرَ عن عدوهِ | أعظمهُ ضرورة ً لا خيرا |
كاللَّيثِ يقلى وهو يطرى أو كما | نافقَ أعداءٌ وزيرَ الوزرا |
قادحهمْ ففازهمْ أروعُ ما | قامرَ في العلياءِ إلاَّ قمرا |
مقلِّبٌ جانبهُ وحظُّهُ | من السُّعودِ سفراً أو حضرا |
تواصتِ الأقدارُ أنْ تمضي على | تدبيرهِ جارية ً كما جرى |
وغيرهُ والنُّقصُ حظُّ غيرهِ | إنْ أحمدَ الآراءَ ذمَّ القدرا |
عضَّ العدا أظافراً منْ بعدهِ | تدمى ولمْ ترزقْ عليها الظَّفرا |
ولمْ يكنْ من شرفِ الدِّينِ لمنْ | يندمُ إلاَّ أنْ يعضَّ الحجرا |
ولا لدارٍ فاتها ودولة ٍ | منهُ سوى أنْ أقويا وأقفرا |
أبصرها بلهاءَ جاهليَّة ً | ذاتَ فسوقٍ لا تخافُ النُّذرا |
مجنونة َ الودادِ إما عاهدتْ | لمْ يكُ إلاَّ الغدرَ والتغيُّرا |
أشهى خليليها إليها خلَّة ً | منْ كانَ أدمى همَّة ً وأحقرا |
تكيلُ بالجورِ إذا ناصفها | وتنبذُ العرفَ تراهُ منكرا |
نافرة ً منْ ذي اليمينِ إذا | قوَّدها حتى تطيعَ الأبترا |
فردَّها بالعتبِ ردَّ ناقدٍ | غالطَ فيها النَّفسَ حتى استبصرا |
ألقى على غاربها حبالها | منْ بعدِ ما متَّعها وأمهرا |
على أوانَ شوَّهتْ وعُنِّستْ | وسُلبتْ جمالها والخفرا |
تناحلوها شرهاً وزاحموا | عجزاً شفيرَ جرفها المهوَّرا |
فطرَّفوا منها بشلوٍ ميِّتٍ | وأكثروا فيهِ الجدالَ والمرا |
مرَّ وولاَّهمْ رزايا سرحها | يدَّبرونَ منهُ أمراً مدبَّرا |
يا ليتَ شعرَ الملكِ منْ عذيرهُ | بعدكِ مما جرَّ عجزُ السُّفرا |
ودولة ٍ أسلمها عميدها | كيفَ يظنُّ كسرها أنْ يجبرا |
وهلْ لها أنْ تستوي قائمة ً | ما لمْ تجدكَ النَّاعمَ المقدَّرا |
وكيفَ يرجى عندَ ذؤبانِ الغضا | في الغيلِ أنْ تحمي حمى أسدِ الشِّرى |
خطوتها مستقدماً أمامها | لمَّا رأيتَ خطوها إلى ورا |
نجَّاكَ منها أنْ ترى مهتصراً | بغمرة ٍ حاشاكَ أو مقتسرا |
يدٌ علتْ عن أن يكونَ فوقها | يدٌ ونفسٌ لا تطيعُ الأمرا |
ونخوة ٌ سيماءُ فارسيَّة ٌ | شمَّاءُ لا تعطى الخزامَ منخرا |
أفدتها كفاية ً جامعة ً | منها وظلاً فوقها منتشرا |
فهي إذا ذكرتْ مع خطَّابها | تقولُ كلُّ الصَّيدِ في جوفِ الفرا |
غداً تلظَّى تشتكي أوامها | إلى الفراتِ وهي تسقى الكدرا |
واضعة ً جبينها لموسمِ الذُّ | لِّ وخديَّها جميعاً للثرى |
قد غمزَ الأغمارُ في صعدتها | فهي تداعى خطلاً وخورا |
حتى تلوذَ تستغيثَ ربَّها | منكَ وترجو ذنبها أنْ يغفرا |
ويأخذُ الدَّهرُ بناصيتها | سوقاً فيأتيكَ بها معتذرا |
قدْ أدَّبتهُ لكمُ جهلاتهُ | فيكمْ وإنْ جرَّبَ قوماً أخرا |
جرياً على العادة في استصراخهِ | بعفوكمْ إذا هفا أو عثرا |
فاستقبلوا منها مريرا قد حلا | لمجتنيكمْ وسقيماً قدْ برا |
أصلحتمُ ببعدكمْ فسادها | والجرحُ لا يدملُ حتى يسبرا |
وكلّ محبوبٍ إذا الوصلُ طغى | يوماً بهِ فظنُّهُ أنْ يهجرا |
وزارة ٌ كمْ قدْ قدحتُ زندها | فيكمْ وكمْ قمتُ بها مبشِّرا |
فلمْ تكذّبْ قطُ لي عائفة ٌ | فيها ولا خيِّبَ فألٌ زجرا |
قدْ ثبتَ المعجزُ لي في صدقها | منْ طولِ ما صحَّ وتكرَّرا |
كالوحي لو أنَّي خلقتُ ملكاً | طرتُ بهِ لكنْ خلقتُ بشرا |
فانتظروها إنَّما ميعادها | غدٌ ويا قربَ غدٍ منتظرا |
فعندها يبردُ حرُّ أضلعٍ | يوقدُ شوقي بينهنَّ شررا |
وعندها يحلو بعيني وفمي | ما قدْ أمرَّ الماءُ عذباً والكرى |
ويكمدُ الحاسدُ والشَّامتُ بي | بفرطِ ما قدْ أكلاني أشرا |
كاشفني بعدكمُ بغلِّهِ | منْ كانَ يخشى جانبي مستترا |
وكلُّ جبسٍ يدهُ ووجههُ | منْ حجرٍ يلقمُ منِّي حجرا |
واجهَ بالعصيانِ فيَّ أمركمْ | والدَّهرُ لا يعصيكمُ لو أمرا |
كنتُ لهُ ذريعة ً إليكمُ | وكنتمْ بالعلجِ مني أبصرا |
فجنِّبوني عفوكمْ عنهُ غداً | أكنْ لكمْ منهُ ولي منتصرا |
يا عشبَ أرضي وسماءَ روضتي | ودارَ أمني يومَ أرعى الحذرا |
ومنْ إذا عرِّيَ من ظلِّهمْ | ظهري فقدْ ألقيتُ شلواً بالعرا |
قدْ أكلتنا بعدكمْ فاغرة ٌ | أنيابها قبلَ العضاضِ جزرا |
لمْ يتأسَّ بنتاجٍ إذا أتتْ | ضيفٌ ولمْ توقدْ لها نارُ القرى |
تعترقُ العظمَ كما تسترطُ الل | حمَ وجلَّتْ أن تحصَّ الوبرا |
فنظراً وإنْ نأتِ داركمُ | وأرشدوا لمنْ يقولُ نظرا |
يا فرحة ً يومَ أرى رايتكمْ | تلاوذُ الرِّيحَ تؤمُّ العسكرا |
ونشرَ أيديكمْ وأعراضكمْ | بالزَّابِ يلقاني وشاطى عكبرا |
والأمرُ فيكمْ؛ لا يطاعُ لقبٌ | زورٌ ولا يراقبُ اسمُ مفترى |
لا غروَ إنْ كفيتها مستوزرا | بالأمسِ أنْ تكفيها مؤمَّرا |
آملها وكيفَ لا يأملُ أنْ | يراكَ شمساً منْ رآكَ قمرا |
أنا الذي لو سجدَ النَّجمُ لكمْ | ما كنتُ مرتاباً ولا مستنكرا |
ولو مسحتمْ زحلاً ببوعكمْ | رجوتُ بعدُ لعلاكمْ مظهرا |
أقذيتُ أبصارَ العدا بمدحكمْ | فساوروني أحوصاً وأخزرا |
ولمْ أراعِ فيكمْ تقيَّة ً | منْ كبدٍ غيظتْ وصدرٍ أوغرا |
على سبيلي في موالاتكمْ | أمرَّ فرداً لا أخافُ الخطرا |
وقاطناتٌ سائراتٌ معكمْ | تتبعكمْ محلَّة ً وسفرا |
تشتاقُ منكمْ عامري أوطانها | ومنْ ثوتْ فيهمْ فقضَّتْ عمرا |
لا تعدمونَ رسمها مردداً | عليكمُ وقسمها موفَّرا |
ماكرَّ يومَ المهرجانِ وطراً | وصامَ ذو شهادة ٍ وأفطرا |
قلتُ فأغضبتُ الملوكَ فيكمُ | وأنتمْ بي تغضبونَ الشُّعرا |