ما فسره الإمام الزركشي من سورة الملك
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
ما فسره الإمام الزركشيمن سورة الملك
﴿ تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾ [الملك: 1]
قوله تعالى: بِيَدِهِ الْمُلْكُ عبَّر باليد عن القدرة[1].
﴿ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ يَنْقَلِبْ إِلَيْكَ الْبَصَرُ خَاسِئًا وَهُوَ حَسِيرٌ ﴾ [الملك: 4]
قوله تعالى: ﴿ ثُمَّ ارْجِعِ الْبَصَرَ كَرَّتَيْنِ ﴾، فإنه وإن كان لفظه لفظ التثنية فهو جمع، والمعنى "كرات"؛ لأن البصر لا يحسُر إلا بالجمع[2]، وقيل: المراد المراجعة من غير حصر، وجيء بلفظ التثنية تنبيهًا على أصل الكثرة وهو مجاز[3].
﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ كُلَّمَا أُلْقِيَ فِيهَا فَوْجٌ سَأَلَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ ﴾ [الملك: 8]
قوله تعالى: ﴿ تَكَادُ تَمَيَّزُ مِنَ الْغَيْظِ ﴾، لفظ الغيظ مستعار[4].
﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴾ [الملك: 16]
قال رحمه الله: قد تكون "أم" بمعنى "أو" كما في قوله تعالى: ﴿ أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ ﴾ [الملك: 16] [5].
﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمَنُ إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ ﴾ [الملك: 19]
قوله تعالى: ﴿ أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صَافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ مَا يُمْسِكُهُنَّ ﴾، أي: ويبسطن، قاله الفارسي[6].
﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الملك: 22]
قوله تعالى: ﴿ أَفَمَنْ يَمْشِي مُكِبًّا عَلَى وَجْهِهِ أَهْدَى أَمَّنْ يَمْشِي سَوِيًّا عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ فإنّ فيه جملتين، حذف نصف كل واحدة منهما اكتفاء بنصف الآخرى، وأصل الكلام: أفمن يمشي مكبًّا على وجهه أهدى ممن يمشي سويًّا على صراط مستقيم، أمَّن يمشي سويًا على صراط مستقيم أهدى ممن يمشي مكبًّا! وإنما قلنا: إن أصله هكذا؛ لأن أفعَل التفضيل لا بدّ في معناه من المفضّل عليه.
وهاهنا وقع السؤال عمّن في نفس الأمر: هل هذا أهدى من ذلك أم ذاك أهدى من هذا؟ فلا بد من ملاحظة أربعة أمور، وليس في الآية إلا نصف إحدى الجملتين ونصف الأخرى، والذي حذف من هذه مذكور في تلك، والذي حذف من تلك مذكور في هذه، فحصل المقصود مع الإيجاز والفصاحة، ثم ترك أمر آخر لم يتعرّض له، وهو الجواب الصحيح لهذين الاستفهامين، وأيّهما هو الأهدى؟ لم يذكره في الآية أصلاً، اعتمادًا على أن العقل يقول: الذي يمشي على صراط مستقيم أهدى ممن يمشي مكبًّا على وجهه[7].
[1] البرهان: بيان حقيقته ومجازه - إطلاق اسم المحل على الحال 2/174.
[2] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة - إطلاق لفظ التثنية والمراد الجمع 3 /8.
[3] المصدر السابق: قواعد في العدد 4 /78.
[4] البرهان: الاستعارة 3 /272.
[5] المصدر السابق: الكلام على المفردات من الأدوات - أم 4 /117.
[6] المصدر السابق: أساليب القرآن وفنونه البليغة – أقسام الحذف 3 /79.
[7] البرهان: أساليب القرآن وفنونه البليغة – أقسام الحذف 3 /87.