أرشيف المقالات

أسماء النار ومعانيها

مدة قراءة المادة : 15 دقائق .
2أسماء النار ومعانيها   هذه الأسماء التي أطلقت في القرآن على النار التي في الآخرة - أعاذنا الله منها - وهي: الهاوية، واللَّظى، والحُطمة، والجحيم، وجهنَّم، وسَقر، والسَّعير، وسِجِّين.   وسنبحث عن كلٍّ منها باختصار - إن شاء الله تعالى - كما يأتي: الاسم الأول: الهَاوِيَة: وقد ورَدتْ هذه الكلمة في القرآن الكريم مرة؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ * فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ * نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾ [القارعة: 8 - 11][1].   وقد بيَّن الله تعالى أن الهاوية للذين خفَّت موازينهم، وفسَّرها الله تعالى بقوله: ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا هِيَهْ ﴾ بقوله: ﴿ نَارٌ حَامِيَةٌ ﴾. قال الفراهيدي[2] رحمه الله تعالى: "والهاويةُ: كلُّ مَهْواةٍ لا يُدْرَكُ قَعْرُها"[3]. وقال العلَّامة القرطبي رحمه الله تعالى في وجه تمسيتها: "وَسُمِّيَتِ النَّارُ هَاوِيَةً، لِأَنَّهُ يُهْوَى فِيهَا مَعَ بُعْدِ قَعْرِهَا"[4].   الاسم الثاني: اللظى: وقد ورَدتْ هذه الكلمة في القرآن الكريم مرة واحدة؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّهَا لَظَى * نَزَّاعَةً لِلشَّوَى ﴾[المعارج: 15، 16][5]. قال الفراهيدي رحمه الله تعالى: "اللَّظَى هو اللَّهَبُ الخالص...، ولَظِيَتِ النَّارُ تَلْظَى لَظًى معناه: تلزقُ لُزْوقًا، والحَرُّ في المفازة يَتَلَظَّى كأنَّه يلتَهب التِهابًا"[6]. وقال ابن منظور الإفريقي رحمه الله تعالى في وجه تسميتها بقوله: "وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لأَنها أَشد النِّيرَانِ"[7].   الاسم الثالث: الحطمة: وقد ورَدتْ هذه الكلمة في القرآن مرتين؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿ كَلَّا لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحُطَمَةُ * نَارُ اللَّهِ الْمُوقَدَةُ * الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَ ﴾ [الهمزة: 4 - 7][8]. وقد بيَّن الله تعالى أن الحطمة هي نار الله الموقدة. قال ابن فارس رحمه الله تعالى في معناها اللغوي: "الْحَاءُ وَالطَّاءُ وَالْمِيمُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُو كَسْرُ الشَّيْءِ، يُقَالُ: حَطَمْتُ الشَّيْءَ حَطْمًا: كَسْرَتُهُ، وَيُقَالُ لِلْمُتَكَسِّرِ فِي نَفْسِهِ: حَطِمٌ، وَيُقَالُ لِلْفَرَسِ إِذَا تَهَدَّمَ لِطُولِ عُمْرِهِ: حَطِمٌ"[9]. وقال أيضًا في وجه تسميتها: "وَسُمِّيَتِ النَّارُ الْحُطَمَةَ لِحَطْمِهَا مَا تَلْقَى"[10].   الاسم الرابع: الجحيم: وقد ورَدتْ هذه الكلمة في القرآن الكريم أكثر 23 مرة، ومنها قوله تعالى: ﴿ فَأَمَّا مَنْ طَغَى * وَآثَرَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * فَإِنَّ الْجَحِيمَ هِيَ الْمَأْوَى * وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 37 - 41] [11]، وقال تعالى: {وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ}[12]، وقال تعالى: ﴿ ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصَالُو الْجَحِيمِ * ثُمَّ يُقَالُ هَذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ ﴾ [المطففين: 16، 17][13].   قال ابن فارس رحمه الله تعالى في وجه تسمية الحجيم: "الْجِيمُ وَالْحَاءُ وَالْمِيمُ عُظْمُهَا بِهِ الْحَرَارَةُ وَشِدَّتُهَا، فَالْجَاحِمُ الْمَكَانُ الشَّدِيدُ الْحَرِّ...، وَبِهِ سُمِّيَتِ الْجَحِيمُ جَحِيمًا"[14].   الاسم الخامس: جهنم: وقد رودت هذه الكلمة في القرآن الكريم أكثر من سبعين مرة، ومنها قوله تعالى: ﴿ إِنَّ جَهَنَّمَ كَانَتْ مِرْصَادًا * لِلطَّاغِينَ مَآبًا * لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا ﴾ [النبأ: 21 - 23][15]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ ﴾ [البروج: 10][16]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ ﴾ [البينة: 6][17].   قال ابن منظور رحمه الله تعالى في وجه تسمية جهنم: "جهنم: الجِهنَّامُ: القَعْرُ الْبَعِيدُ، وَبِئْرٌ جَهَنَّمٌ وجِهِنَّامٌ، بِكَسْرِ الْجِيمِ وَالْهَاءِ: بَعِيدَةُ القَعْر، وَبِهِ سُمِّيَتْ جَهَنَّم لبُعْدِ قَعْرِها"[18].   الاسم السادس: سقر: وقد ورَدتْ هذه الكلمة في القرآن الكريم أكثر من أربع مرات، ومنها قوله تعالى: ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سَقَرُ * لَا تُبْقِي وَلَا تَذَرُ * لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ ﴾[19]، وأصحاب اليمين في جنات يتساءلون، قال تعالى: ﴿ عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ﴾[20]. وقد بيَّن الله تعالى أنَّ سقر هي التي لا تُبقي ولا تَذر.   قال ابن فارس رحمه الله تعالى في وجه تسمية سقر: "السِّينُ وَالْقَافُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ يَدُلُّ عَلَى إِحْرَاقٍ أَوْ تَلْوِيحٍ بِنَارٍ، يُقَالُ: سَقَرَتْهُ الشَّمْسُ، إِذَا لَوَّحَتْهُ؛ وَلِذَلِكَ سُمِّيَتْ سَقَرَ، وَسَقَرَاتُ الشَّمْسِ: حَرُورُهَا"[21].   وقال ابن منظور الإفريقي رحمه الله تعالى: "سُمِّيَتِ النَّارُ سَقَرَ؛ لأَنها تُذِيبُ الأَجسام والأَرواح"[22]. والحق أنَّ كلًّا من هذين القولين صحيح؛ لأن سقر هي التي تحرق، وهي التي لا تبقي ولا تذر، لواحة للبشر، والله تعالى أعلم بالصواب.   الاسم السابع: السعير: وقد ورَدتْ هذه الكلمة في القرآن الكريم أكثر من مرة، ومنها قوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ وَرَاءَ ظَهْرِهِ * فَسَوْفَ يَدْعُو ثُبُورًا * وَيَصْلَى سَعِيرًا * إِنَّهُ كَانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُورًا ﴾ [الانشقاق: 10 - 13][23]، وقال تعالى: ﴿ فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ فَسُحْقًا لِأَصْحَابِ السَّعِيرِ ﴾[24].   قال ابن فارس رحمه الله تعالى كلمة السعير: "السِّينُ وَالْعَيْنُ وَالرَّاءُ أَصْلٌ وَاحِدٌ يَدُلُّ عَلَى اشْتِعَالِ (الشَّيْءِ) وَاتِّقَادِهِ وَارْتِفَاعِهِ"[25]. وقال بعد ذلك في وجه التسمية: "مِنْ ذَلِكَ السَّعِير: سَعِيرُ النَّارِ"[26]، أي: لاشتعال واتقاد وارتفاع لهب نارها.   الاسم الثامن: سِجِّينٌ: وقد ورَدتْ هذه الكلمة في القرآن الكريم مرتين؛ وذلك في قوله تعالى: ﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴾ [المطففين: 7 - 9][27].   قال ابن فارس رحمه الله تعالى في كلمة سجين: "السِّينُ وَالْجِيمُ وَالنُّونُ أَصْلٌ وَاحِدٌ، وَهُوَ الْحَبْسُ، يُقَالُ: سَجَنْتُهُ سَجْنًا، وَالسِّجْنُ: الْمَكَانُ يُسْجَنُ فِيهِ الْإِنْسَانُ"[28].   وقال الفراهيدي رحمه الله تعالى في المعنى المراد من كلمة سجين: "والسِّجن البيت الذي يُحبس فيه السَّجينُ: من أسماء جَهنَّم"[29]. وقال الراغب الأصفهاني رحمه الله تعالى في المعنى المراد: "والسِّجِّينُ: اسم لجهنم، بإزاء علِّيِّين، وزيد لفظه تنبيهًا على زيادة معناه"[30].   وهناك أوصاف وألقاب ذكر ها الله في القرآن للنار التي في الآخرة وهي: السَّموم، وبئس المصير، وبئس القرار، وبئس المهاد، وبئس الوِرد المورود، ودار البَوار، ودار الفاسقين، وسوء الدار، وأسفل السافلين و... ربنا لا تجعلنا من أصحاب النار يا أرحم الراحمين، آمين يارب العالمين.


[1] سورة القارعة: (8 - 11). [2] الفراهيدي (100 170 هـ = 718 786 م) أبو عبدالرحمن الخليل بن أحمد الفراهيدي البصري، وهو عربي النسب من الأزد، ولد في عُمان عام 100 هـ، وهو مؤسس علم العروض ومعلم سيبويه، وواضع أول معجم للغة العربية وهو العين، أخذ النحو عنه: سيبويه والنضر بن شميل وهارون بن موسى النحوي...، وكان الخليل زاهدًا ورعًا، وقد نقل ابن خلكان عن تلميذ الخليل النضر بن شميل قوله: أقام الخليل في خص له بالبصرة، لا يقدر على فلسين، وتلامذته يكسبون بعلمه الأموال، وتنسب له كتب "معاني الحروف" وجملة آلات الحرب والعوامل والعروض والنقط...
توفي في البصرة في سنة 173هـ/ 789م.
راجع: "وفيات الأعيان وأنباء أبناء الزمان"؛ لابن خلكان، (2/ 244 - 248)، و"سير أعلام النبلاء"؛ للذهبي، (7/ 429 431)، و"الأعلام"؛ للزركلي، (2/ 314). [3] كتاب العين؛ لأبي عبدالرحمن الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم الفراهيدي البصري، (المتوفى: 170هـ)، مادة: (هـ و ى)، (4/ 105)، المحقق: د.
مهدي المخزومي، د.
إبراهيم السامرائي، دار ومكتبة الهلال، عدد الأجزاء: (8). [4] "الجامع لأحكام القرآن"؛ للقرطبي، (20/ 167). [5] سورة المعارج: (15، 16). [6] كتاب العين؛ للفراهيدي، مادة: (ل ظ ى)، (8/ 169). [7] "لسان العرب"؛ لابن منظور الإفريقي، مادة: (ل ظ ى)، (15/ 248). [8] سورة الهمزة: (4 - 7). [9] "معجم مقاييس اللغة"؛ لابن فارس، مادة: (ح ط م)، (2/ 78). [10] المصدر نفسه. [11] سورة النارعات: (37 - 39). [12] سورة التكوير: (12). [13] سورة المطففين: (16، 17). [14] "معجم مقاييس اللغة"؛ لابن فارس، مادة: (ج ح م)، (1/ 429). [15] سورة النبأ: (21 - 23). [16] سورة البروج: (10). [17] سورة البينة: (6). [18] "لسان العرب"؛ لابن منظور الإفريقي، مادة: (ج هـ ن ن م)، (12/ 112). [19] سورة المدثر: (25 - 29). [20] سورة المدثر: (41 - 43). [21] "معجم مقاييس اللغة"؛ لابن فارس، مادة: (س ق ر)، (3/ 86). [22] "لسان العرب"؛ لابن منظور الإفريقي، مادة: (س ق ر)، (4/ 372). [23] سورة الانشقاق: (10 - 13). [24] سورة الملك: (11). [25] "معجم مقاييس اللغة"؛ لابن فارس، مادة: (س ع ر)، (3/ 75). [26] المصدر نفسه. [27] سورة المطففين: (7 - 9). [28] "معجم مقاييس اللغة"؛ لابن فارس، مادة: (س ج ن)، (3/ 137). [29] كتاب العين، للفراهيدي، مادة: (س ج ن)، (6/ 56). [30] "مفردات القرآن"؛ للراغب الأصفهاني، مادة: (س ج ن)، (ص 399).



شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢