أدمعكَ أمْ عارضٌ ممطرٌ
مدة
قراءة القصيدة :
7 دقائق
.
أدمعكَ أمْ عارضٌ ممطرٌ | أمِ النَّفسُ ذائبة ٌ تقطرُ |
دعوا بالرَّحيلِ فمستذهلٌ | أضلَّ البكاءُ ومستعبرُ |
وقالوا الوداعُ على رامة ٍ | فقلتُ لهم رامة ُ المحشرُ |
وأرسلتُ عيني بالأنعمينِ | لتبصرَ لو أنَّها تبصرُ |
فما حملتْ خبراً يستطا | بُ إلاَّ الَّذي كذبَ الخبرُ |
وعنَّفني منذرٌ خاليا | ألفتَ وفورقتَ يا منذرُ |
وقالوا تحمَّلْ ولو ساعة ً | فقلتُ لهم مدَّتي أقصرُ |
ولكنْ تطاللْ بعينِ النَّصيحِ | لعلَّكَ مستشرفاً تنظرُ |
أجنب الغضا يقبلونَ الرِّكا | بَ أمْ عرعراً قالَ بلْ عرعرُ |
فلا تذكرونَ لقلبي السُّلوَّ | إنْ كانَ ذاكَ كما يذكرُ |
سقى اللهُ ما كرمتْ مزنة ٌ | وما وضعتْ حاملٌ معصرُ |
وحنَّتْ فدرَّتْ على أرضها | سماءٌ تبوحُ بما تضمرُ |
ملاعبنا بالحمى والزَّ | نُ أعمى وليلُ الصِّبا مقمرُ |
وعصرُ البطالة ِ مثلُ الرَّبيعِ | حياً أبيضُ وثرى ً أخضرُ |
وظبية ُ جارٌ إذا شاءَ زا | رَ لا تستريبُ ولا تحذرُ |
إذا لذَّتُ اليومِ عنّا انطوتْ | وثقنا بأخرى غداً تنشرُ |
وفي الحيِّ كلُّ هلاليَّة ٍ | هلالُ السَّماءِ بها يكفرُ |
تذلُّ على عزِّها للهوى | وتسبى وأنصارها حضَّرُ |
تسيلُ الأسنَّة َ منْ دونها | ونحنُ على سرِّها نظهرُ |
فذاكَ وهذا لو أنَّ الزَّمانَ | إناءٌ إذا راقَ لا يكدرُ |
تلوَّنَ في صبغِ أيَّامهِ | تلُّونَ ما نسجتْ عبقرُ |
فيومٌ تعرُّفهُ غفلة ٌ | ويومٌ تجنُّبهُ منكرُ |
يجدُّ ويبلى فطوراً غريبٌ | وطوراً يسدُّ الَّذي يعورُ |
وحاجة ِ نفسٍ سفيرُ الرَّجا | ءِ يوْرِدُ فيها ولا يصْدرُ |
تكونُ شجى ً دونَ أنْ تنقضي | وبابُ القضاءِ بها أعسرُ |
بردتُ لساني أنْ أشتكي | أذاها وصدري بها يزفرُ |
وعهدٍ رعيتُ وذي ملَّة ٍ | وصلتُ منَ الحقِ ما يهجرُ |
أردتُ بقيَّتهُ فانعطفتُ | عليهِ وجانبهُ أزورُ |
سها فتناسى حقوقي علي | هِ وهو على سهوهِ يذكرُ |
أبالحقِ تهدمني بالجفاءِ | وأقطارُ عرضكَ بي تعمرُ |
وتشربُ ظلمي مستعذباً | وظلمي ممرُّ الجنا ممقرُ |
سأضربُ عنكَ صدورَ المطيِّ | وفي الأرضِ مغنى ً ومستمطرُ |
نوازعُ تقمحُ وردَ الهوان | فتطمحُ تسهلُ أو توعرُ |
وأنَّ لها في رجالِ الحفاظِ | مراداً إلى مثلهِ تزجرُ |
وفوقَ ثنايا العلا أعينٌ | يهشُّ إليها ويستبشرُ |
وفي جوِّ عجلٍ إذا أعتمتْ | وضلَّتْ نجومُ هدى ً تزهرُ |
وأفنية ٌ تقبضُ الوافدينَ | إذا رفعتْ بينهمْ كبَّروا |
يفيءُ لهمْ ظلُّها بالهجيرِ | وتأرجُ طيباً إذا أسحروا |
متى تردِ الماءَ بالزّابيينِ | وترعى صريفينَ أو تعبرُ |
تخضْ في جميمٍ يعمُّ السَّنام | وينصفهُ العنقُ المسفرُ |
وتكرعُ منبسطاتِ الرِّقا | بِ لا يردُ النَّاسَ أو تصدرُ |
ولراكبيها القرى والحمى | ورفدٌ يطيبُ كما يكثرُ |
ومعقورة ٌ واجباتُ الجنوبِ | صفايا وفهَّاقة ٌ تهدرُ |
فزاحمْ بها اللّيلَ حتَّى تكونَ | لها الصَّادعات لهُ الفجَّرُ |
مواقرُ بالحاجِ تبطنُ حي | ثُ تطرحُ أثقالها الأظهرُ |
فلا يعطفنَّكَ عنْ همَّة ٍ | هممتَ بها بارحٌ يزجرُ |
فلا الجدُّ يدفعهُ أعضبٌ | ولا الحظُّ يصرفهُ أعورُ |
ولا أنتَ رامٍ بها جانباً | يشطُّ ولا نيَّة ً تشطرُ |
وعندَ أبي القاسمِ المكرما | تُ تنمي وأغصانها تزهرُ |
كريمٌ يرى أنَّهُ بالملا | مِ يقذعُ أو بالغنى يفقرُ |
إذا استأثرَ اللهُ بالمنفساتِ | منَ المالِ فهو بها مؤثرُ |
يهينُ الحياة َ بحبِّ الفناءِ | وكفَّاهُ في حسبٍ يغمرُ |
ويعطى عطاءَ ابنَ عيسى ابنهُ | وما بينَ بحريهما أبحرُ |
فهذا يجودُ على فقرهِ | وذاكَ على جودهِ موسرُ |
ففي الضَّيمِ عنهُ فؤادٌ أصمُّ | إذا قطرَ الصَّخرُ لا يقطرُ |
وأنفٌ يجيشُ بهِ منخراه | إذا سدَّ في آخرٍ منخرُ |
ونفسٌ إذا العيشُ كانَ اثنتين | علاً تقتنى وغنى ً يؤثرُ |
مضتْ في سبيلِ الأشقِّ الأعزِّ | ولمْ يصبها الأروحُ الأصغرُ |
ويومٍ منَ الدّمِ ساعاتهُ | قميصُ النَّهرِ بهِ أحمرُ |
تبطِّنهُ خائضاً نقعهُ | يقلَّصُ عنْ ساقهِ المئزرُ |
حميّة ُ من لا تنامَ التِّرا | تُ خلفَ حشاهُ ولا تهدرُ |
وضوضاء قطَّرَ بالمفحمي | نَ ظهرُ مطيَّتها الأزعرُ |
تخلَّصها فمهُ فانجلتْ | كمافارقَ الصَّدفَ الجوهرُ |
فوترٌ مضاعٌ بهِ يستقادْ | وفضلٌ مذارٌ بهِ ينصرُ |
إذا قالَ فاعقدْ خيوطَ التَّميم | عليكَ فألفاظهُ تسحرُ |
ويا تاركَ الخمرِ لا تأتهِ | فإنّ خلائقهُ تسكرُ |
يريكَ بظاهرهِ غادة ً | تزمُّ حياءً وتستخفرُ |
وفي فهمهِ لكَ نضناضة ٌ | خدورٌ وفي درعهِ قسورُ |
تعطَّرَ منْ طيبهِ المجدُ عنهُ | وعنْ قومهِ الأطيبُ الأطهرُ |
ملوكٌ قديمهمْ كالحديث | وبالفرعِ يعرفُ ما العنصرُ |
وما أخلفوا أنْ يحلِّي الزَّما | نَ منهمْ أميرٌ ومستوزرُ |
وقاضٍ ينفِّذُ أحكامهُ | إذا أمرَ النَّاسَ لا يؤمرُ |
همُ لعشيرتهمْ كالسَّما | ءِ كلُّ الَّذي تحتها يصغرُ |
لهمْ كأسُ نشوتها بالعشيِّ | وخيلُ الصَّباحِ إذا استذعروا |
وفيهمْ مرابعها والصف | يُّ والقدحُ إنْ علِّي الميسرُ |
وما سارَ منْ ذكرها في السَّماح | فهم ريَّشوهُ وهمْ طيَّروا |
مضوا سلفَ المجدِ واستعمروا | ديارَ العلا سعى منْ أخَّروا |
وقدْ علموا بابنهمْ يومَ را | شَ أن رمائمهم تنشرُ |
وما هبة ُ اللهِ إلاَّ المدا | مُ منْ مثلِ كرمهمُ تعصرُ |
فلا عصمُ سوددهم بالقنا | يُحلُّ ولا عودهمْ يقشرُ |
ومنتحلٍ سمة َ الفاضلي | نَ والفضلُ منْ شكلهِ ينفرُ |
تقلّدَ فيما ادَّعى غيرهُ | هوى ً وهوَ في اللؤمِ مستبصرُ |
رآكَ كملتَ فظنَّ الكمالَ | لكلِّ فتى ً رامهُ يقدرُ |
ولم يدرِ أنَّ الحجا متعبٌ | ولا أنَّ حبَّ العلا مفقرُ |
حلتْ نومة ُ العجزِ في عينهِ | فلمْ يدرِ ما فضلُ منْ يسهرُ |
لكَ الخيرُ فاسمع فإنَّ الحدي | ثَ يقتَّصُّ ثمَّ لهُ منشرُ |
يهبُّ شراراً ويمشي على السُّ | روحِ فتلهبُ أوْ تسعرُ |
ولا ترعني سمعَ خالي الضُّلو | عِ ممّا أجنُّ وما أظهرُ |
فغيركَ منْ لا أبالي بما | شكوتُ أيسمعُ أو يوقرُ |
وغيرُ حياضكَ مالاأحومُ | عليهِ ولو أنَّهُ الكوثرُ |
إلامَ تحرِّمُ شعري بكمْ | يضيعُ وذمَّتهُ تخفرُ |
ويمطلَ ديني ودينِ الوفا | ءِ تاركهُ عندكمْ يكفرُ |
وللمطلِ والصَّبرِ وقتٌ يحدُّ | فكمْ تمطلونَ وكمْ أصبرُ |
ألمْ تعلموا أنَّني ما بقي | تُ أنظركمْ ثمَّ لا أنظرُ |
أذمُّ زماني وبي حاجة ٌ | إلى القولِ شاهدها يحضرُ |
وأرسلُ منْ رسنَ الإقتضاءِ | أواناً أعرِّضْ أو أذكرُ |
فلا بالشِّكاية ِ ممَّا أبو | حُ أحظى ولا بالّذي أسترُ |
وقدْ كنتُ أشكو وأيَّامكمْ | جعادٌ وعامكمُ أغبرُ |
وأعذرُ والخالُ فيما أرو | مُ عنْ قدرِ همَّتكمْ تقصرُ |
فكيفَ وقدْ أمطرتْ أرضكمْ | وأفعمَ واديكمُ أعذرُ |
وأمرُ البلادِ ورزقُ العباد | إليكمْ وعنْ مثلكمْ يصدرُ |
قدرتمْ فمنُّوا فكمْ ليلة ٍ | سهرتُ إلى اللهِ أنْ تقدروا |
فما في الحميّة ِ أنْ يمنعَ ال | ملىء ُ وذو حقّهِ معسرُ |
دعوناكمْ منْ وراءِ التي | لسانُ البليغِ بها يحصرُ |
وعنْ خلَّة ٍ باطنٍ داؤها | تجمَّلُ بالصَّمتِ أو تسترُ |
مكحَّلة ٍ خشنٍ مسَّها | إلى أكلنا فمها يغفرُ |
يعزُّ على المجدِ والمكرما | تِ أنَّا بأنيابها نعقرُ |
ونحنُ منَ الدَّهرِ بلْ منكمُ | بما سدَّ خلَّتنا أجدرُ |
شموسٌ ببغدادَ منكمْ تضيء | ونحنُ بأقسامنا نعثرُ |
وبالجزعِ فالمنحنى من دجيلٍ | سحابٌ على غيرنا يهمرُ |
ونحنُ نظنُّ بأيّامكم | كما ظنَّ بالثمرِ المؤبرُ |
فهلْ فيكمُ وبلى فيكمُ | فتى ً يصرخُ الفضلَ أو ينصرُ |
فيذكرُ منْ حقِّنا ما نسي | ومثلُ أواصرنا يذكرُ |