سَئِمتُ مُقامي في الغبينة ِ مُغْمَدا
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
سَئِمتُ مُقامي في الغبينة ِ مُغْمَدا | يراوحني فيها الملامُ كما غَدا |
ألا إنّ جارَ الذلَّ من بات يتقي | سناناً طريراً أوْ حساماً مهنداً |
و ما خفية ُ الإنسان إلاّ غباوة ٌ | وخوفُ الرَّدى للمرءِ شرٌّ منَ الرَّدى |
تركتُ الهويني للردى َّ وإنني | إذا غار مغترٌّ بها كنتُ منجدا |
و أي مرادٍ لم أنلهُ بعزة ٍ ؟ | فأنفسُ حظي منه أنْ يتبعدا |
و ما شعفي بالحرب إلاّ لأنني | أرى السيفَ أهدى والكريهة أقصَدا |
سقى اللهُ قلبي ما أعَفَّ عنِ الهوى | و أقسى على نأي الحببِ وأجلدا |
و إني متى ضنَّ الصديقُ بقربهِ | أكنْ منه أسخَى بالبِعادِ وأجْوَدا |
أرَى الهمَّ يرميني إلى كلِّ غاية ٍ | ومَن لي بأَنْ ترضَى هموميَ مَقصَدا؟ |
لَعَلِّيَ أنْ ألقَى مِنَ النّاسِ واحدًا | يكون على حرَّ المطالبِ مسعدا |
وهيهاتَ، أعيا العزُّ كلَّ مُغامرٍ | و أفنى على الدنيا مسوداً وسيدا |
إذا اللهُ لم يُدنِ الفتى مِن مُرادِهِ | فما زاده الإقدامُ إلاّ تبعدا |
وسرٍّ حجبتُ النّاسَ عنه كأنّما | قذفتُ به في لجة البحر جلمدا |
وداريتُ عنه صاحبي وهْوَ دائبٌ | ينازعهُ عرضُ الحديثِ إذا بدا |
عذوليَ ما أخشى جناية َ كاشحٍ | إذا الحزمُ واراني خَفيتُ عنِ العِدَى |
لحا اللهُ هذا الدَّهرَ تأتي حظوظَهُ | خطاءَ ويغشى ضيمه متعمدا |
إذا نلتُ منه اليومَ حالاً حميدة ً | أبى فتقاضاني ارتجاعتَها غَدا |
تنقلنا الأيامُ عن كلَّ عادة ٍ | و تبدلنا من موردِ العيشِ موردا |
ولو كنتُ موفورَ الحياة ِ منَ الأذى | على نبواتِ الدهرِ كنتُ مخلدا |
وهوَّنَ ما ألقَى منَ الدَّهرِ أنَّهُ | تَعمَّدني بالغدر فيمنْ تعمَّدا |
و ليستْ حياة ُ المرءِ إلاَّ شرارة ً | و لا بدّ يوماً أنْ تناهى فتخمدا |
أما ووجيفِ العيسِ تنضو شفاهها | لغاماً تحلاهُ الأزمة ُ مزبدا |
ونهضة ِ أبناءِ اللّقاءِ لخُطَّة ٍ | تجرُّ مماتاً أو تقلدُ سؤددا |
لقد ألصقتني " بالحسين " خلائقٌ | أعدنَ قديمَ المجدِ غضاً مجددا |
هو المرءُ إنْ قلَّ التقدم مقدمٌ | وإِنْ عزَّ زادٌ في العشيرة ِ زوَّدا |
أبيٌّ على قولِ العوازلِ سمعهُ | إذا أعرضوا دون الحفيظة ِ والندا |
وأرْوَعَ من آل النبيِّ إذا انتمى | أصابَ علياً والداً ومحمدا |
" كرامٌ " سعوا للمجد من كلَّ وجهة ٍ | كما بسطوا في كلّ مكرمة ٍ يدا |
و ما فيهمُ إلاَّ فتى ما تلبستْ | بهِ الحربُ إلاّ كان عَضْبًا مجرَّدا |
وقاؤُك من صَرْفِ الرَّدى كلُّ ناكلٍ | إذا صَدمَتْهُ النّائباتُ تَبَلَّدا |
جَريءٌ إذا ما الأمنُ أَخلى جَنانَه | فإنْ رابه ريبٌ تولى وعردا |
وأنتَ الّذي لا يثلمُ الرُّعبُ شدَّه | و قد لفتِ الخيلُ السوادَ المشردا |
و كنتَ متى لاذتْ بنصرك بلدة ٌ | ضممتَ إليها قطرة َ أسحمَ أربدا |
رجالاً كأمثال الأسنة ِ " ركزا " | وخيلاً كأمثالِ الأعنَّة ِ شُرَّدا |
ولا أمنَ إلاّ أنْ تُرَدَّ صدورُها | منَ الطَّعنِ يسحَبْنَ القَنا المتقصِّدا |
طوالعَ من ليلِ العجاجِ كأنَّما | زَحَمْن الدُّجَى عنهنَّ حتّى تقدَّدا |
وقد سلبَ الإقدامُ لونَ جُلودها | وأَلْبسَها بالطَّعن ثوبًا مورَّدا |
و يومٍ طردتَ العدمَ عنه كأنما | طردتَ به جُندًا عليك مجنَّدا |
ولم تُلقَ إلاّ باسطًا مِن يمينهِ | ببذلِ الندى أو ضارباً فيه موعدا |
هنيئاً لك العيدُ المخلفُ سعدهُ | عليك منَ النَّعماءِ ظِلاًّ مُمدَّدا |
ولا زلتَ فيه بالغاً كلَّ إِرْبَة ٍ | و لا زال مكروراً عليك مرددا |
تهُبُّ رياحُ الجوِّ حولكَ كلُّها | نَسيمًا ويطلُعْنَ الكواكبُ أَسْعُدا |