أروني أمرأً من قبضة ِ الدَّهرِ مارقا
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
أروني أمرأً من قبضة ِ الدَّهرِ مارقا | ومَن ليسَ يوماً للمنيَّة ِ ذائقا |
هو الموتُ ركّاضٌ إلى كلِّ مُهجة ٍ | يُكِلُّ مطايانا ويُعْيي السَّوابقا |
فإنْ هو ولَّى هارِباً فهْوَ فائتٌ | وإنْ كان يوماً طالباً كان لاحقا |
فكم ذا تغول النّائباتُ نفوسنا | وتستلبُ الأهلينَ ثمَّ الأصادقا |
وكم ذا نعير المطمعات عيوننا | وندنى إلى ريح الغرورِ المناشقا |
ولعشق فى دار الفناءِ مواطناً | يعرّين منّا لم يكنّ معاشقا |
ونشتاقُ إمّا قالياً أو مُقاطعاً | فيا شائقاً لى ما أضرّك شائقاً ! |
ولو أنّنى وفّيت حقَّ تجاربى | قطعتُ منَ الدَّهرِ العَثورِ العلائقا |
نطاح إلى الأجداثِ فى كلّ ليلة ٍ | ونوسدُ فى فقرِ التّراب المرافقا |
فيا خبراً أذرى العيونَ جوامداً | وأبقى القلوبَ السّاكناتِ خوافقا |
أتانى طروقاً وهو غيرُ محبّبٍ | وكم جاءَ ما لا تَشْتهي النّفسُ طارقا |
وددتُ وداداً أنّه غير صادقٍ | وكم قاتلٍ ما كنتُ أهواه صادقا |
أصابكَ من شهمِ الرَّدى ما أصابني | وكان لجلدي قبلَ جلدِكَ خارقا |
ولو أنّنى حمّلتُ ثقلك كلّه | حملتُ عَلوقاً بالذي كنتُ عالقا |
فإنْ يكُ غصنٌ من غصونك ذاوياً | فقد أبقت الأيّامُ أصلك باسقا |
وإن يكُ نجمٌ غار بعد طلوعه | فقد ملأتْ منك الشُّموسُ المشارقا |
أزال الرّدى منّا على الرّغم تلعة ً | وأبقى لنا منك الجبالَ الشّواهقا |
وما ضرَّ والسِّربالُ باقٍ على الفتى | إذا شعّثتْ منه الّليالى البنائقا ؟ |
وفيكَ وفي صِنْوٍ له عِوضٌ به | إذا نحن أنصفنا الخطوبَ الطّوارقا |
وساء به من سرّنا بمكانه | وأفناه من أعطاه بالأمس رازقا |
حرمناهُ حظّاً بعد أنْ أخذتْ لنا | على حظّنا منك الّليالى المواثقا |
وما كنتُ أخشى أنْ يسدَّ به الرّدى | فُروجَ الليالي دونَنا والمخارقا |
وأنْ يحجبَ الصُّفّاحُ بيني وبينَهُ | ويودعَه وسْطَ العَراءِ الشَّقائقا |
فيا أيّها ذا العادلُ " المقرمُ " الذى | رضيناه خلقاً كاملاً وخلائقا |
تعزَّ عن الماضى ردًى بثوابه | وكن بالذى يجزى على الصّبرِ واثقا |
فليس لمخلوقٍ وإن عضّه الرّدى | فضاق ذراعاً أنْ يعارض خالقا |