في مثلها يستثارُ الصبرُ والجلدُ
مدة
قراءة القصيدة :
دقيقتان
.
في مثلها يستثارُ الصبرُ والجلدُ | وعندها يَتقاضَى الحزمُ ما يَجِدُ |
وما الرزيَّة ُ إلاَّ أنْ تُلِمَّ بنا | و نحن لاهونَ عنها غفلٌ بعدُ |
مثلُ السَّوام رَعَى في أرضِ مَضْيَعة ٍ | نام المسيمُ " بها " واستيقظَ الأسدُ |
تَمشي الضَّراءَ وهامٌ لا تُخَمِّرُها | مخلِّقٌ فوقَهنَّ العارِضُ البَرِدُ |
وإنّما المرءُ في الأيّامِ مُحتَبَسٌ | على المنيَّة ِ تَأتيهِ ومُقتَعَدُ |
يسعى ولم يسعَ إلاَّ نحو حفرتهِ | يخالُ معتمداً أو كيف يعتمد |
جابَ البلادَ وعدَّى عن مَصارعِهِ | فاختطّ " مصرعه " منْ بينها بلدُ |
وكيف يَنْجو حِبالاتِ الرَّدى رجلٌ | مستجمعٌ للمنايا بعده بددُ ؟ |
و قد علمنا بأنا معشرٌ أكلٌ | للموتِ نوجدُ أحياناً ونفتقدُ |
يرتاحُ نحوَ غدٍ من غَفلة ٍ أبداً | مَنْ ليس يَدري بما تجني عليهِ غَدُ |
كم ذا فَقَدنا كراماً لا إيابَ لهمْ | حطوا من المنزل الأعلى " ونفتقدُ " |
ذاقتْ شِفاهُهُمُ طعمَ الرَّدى مَقراً | وطالما كانَ يجري بَينها الشَّهَدُ |
و كم وردنا وما تغنى ورادتنا | إنّا وردنا وأُعْفُوا مُرَّ ما وَرَدوا |
لم يُغنِ عنهُمْ وقد همَّ الحِمامُ بهمْ | ما جَمَّعوا لدفاع البُؤْسِ واحتشدوا |
وليسَ يُجدي وإنْ أَرْبَى بكثرتِه | على الفتى مَدَداً إذا انقضتْ مُدَدُ |
" كأنهمْ بعد ما " امتدّ " الزمانُ لهمْ | لمّا مَضَوا في سبيلِ الموتِ ما وُلِدوا |
فنحنُ نبكي على آثارِهمْ جَزَعاً | نقولُ لا تبعدوا عنا وقد بعدوا |
قلْ للوزير سواك المرءُ نوقظهُ | و سمعَ غيركَ يغشى العذلُ والفندُ |
حتى متى أنتَ فيما فات مكتئبٌ | جنى الحمامُ فلا عقلٌ ولا قودُ ؟ |
دَعِ التتبُّعَ للعمرِ الذي قطعتْ | عنه الحياة َ المنايا وانْتَهى الأمدُ |
ما دمتَ تطمعُ فيهِ فاحزنَنَّ له | فإنْ يئستَ فلا حزنٌ ولا كمدُ |
و استبقِ دمعك لا تذهبْ به سرفاً | فمسرفٌ فيه " يضحى " وهو مقتصدُ |
وإنْ جَزِعتَ لأنْ مُدَّتْ إليك يدٌ | فبالّذي عشتَ ما مُدَّتْ إليك يَدُ |
ومُنية ُ الوالدينِ الدَّهرَ أجمعَهُ | أنْ يكرعا الموتَ حتى يسلمَ الولدُ |