أَبالبارقِ النَّجديِّ طرفُك مُولَعُ
مدة
قراءة القصيدة :
4 دقائق
.
أَبالبارقِ النَّجديِّ طرفُك مُولَعُ | يُخُبُّ على الآفاقِ طَوراً ويُوضِعُ؟ |
ولمّا أرادَ الحيُّ أنْ يَتَحمَّلوا | ولم يبقَ لي في لُبْثَة ِ الحيِّ مَطمعُ |
جَرتْ لي حياتي من جفوني صَبابة ً | وظن الغبي أنما هي أدمعُ |
فليت المطايا إذ حملن لنا الهوى | حُدِينَ عَشيّاً وهْيَ حَسْرَى وظُلَّعُ |
فإن لم يكونوا أنذروا بفراقهم | وفاجأنا منه الرواء المروعُ |
فقد صاحَ قبلَ البينِ لي بفراقِهمْ | غرابٌ على فرعِ الأراكة أبقعُ |
سلامٌ على ملكِ الملوك يقودُه | وليٌّ يناجي بالتَّحايا فيُسمِعُ |
مقيمٌ على دار الحفاظ وطالما | تَناسى رجالٌ للحِفاظ فضيَّعوا |
وأنتَ الذي فُتَّ الملوكَ فكلُّهمْ | خلالَكَ يَنْحو أو طريقَك يتبعُ |
فمالك إلا في السماء معرسٌ | وما لك إلاّ مَضجَعَ الشَّمسِ مَضجعُ |
فإنْ يك قومٌ لم يَضُرُّوا ويَنْفعوا | فإنَّك فينا قد تضرُّ وتنفعُ |
وإنَّك من قومٍ كأنَّ وجوهَهمْ | كواكبُ في ليلِ المعارك تطلُعُ |
تُساعي لهمْ نحو العليّاتِ أرجُلٌ | وتبسط منهم في الملمات أذرعُ |
وما امتقعت ألوانهم في شديدة ٍ | تهاب ولون اليوم لونٌ مولّعُ |
شفاهُهُمُ من كلِّ عَوْراءَ قفرَة ٌ | ودارُهُمُ من كلِّ شَنعاءَ بَلقَعُ |
وأيديهم تجري إذا جمد الحيا | على المُعتفين بالعطايا وتَهمعُ |
سراع إلى داعي الصريخ شجاعة | وفي كلّ كفّ منهم البيض تلمعُ |
فإن طعنوا يوم الكريهة أوسعوا | وإنْ أَطعموا عند المجاعة ِ أشبعوا |
وإنْ وُزِنوا كانوا الجبالَ رزانة ً | وكم طائش منهم إلى الموت مسرعُ |
فما فيهم إلا همامٌ مرفعٌ | بحيث الثريا أو غلامٌ مشيعُ |
وكم لك في يوم شهدتَ به الوغى | وما لكَ إلاّ الضّربَ والطّعنَ أدرُعُ |
وفي كفِّكَ العَضبُ اليمانيُّ قاطعاً | وما كلُّ سيفٍ كان في الكفِّ يقطعُ |
وأنت على رخو العنان كأنه | منَ الضُّمْرِ طاوٍ ليس يروي ويَشبعُ |
وليسترى إلا الأسنة رعفاً | وبيض الظّبا ماء الترائب تكرعُ |
وقد علموا لمّا سرى البغي فيهمُ | وطارتْ بهمْ نكباءُ للغدرِ زَعْزَعُ |
ولم تر إلا شمل عقد مفرقاً | وإلا عهوداً منهم تتقطعُ |
وقد حالَ منهمْ كلُّ شيءٍ عهدتَه | فأحفظُ منهمْ للذِّمامِ المضيِّعُ |
بأنَّكَ رُضتَ الحِلْمَ حتّى لبِستَهُ | شعاراً ولكن ليس ينضى ويخلعُ |
وعاد الذي قد كان بالأمس شامساً | عليك مطيعاً وهو عودٌ موقعُ |
فلا انتيشَ من غمائِها المتروِّعُ | وراموا الذي لا يرتضى وتولعوا |
أطرتهم تحت السنابك في الثرى | كما طارَ بالبيداءِ زِقٌّ مُزَعْزَعُ |
فلم يلق منهم بعد ذلك سامعٌ | ولم يبق منهم بعد ذلك مسمعُ |
قنعت بحظى منك ذخراً أعدهّ | ولست بشئ يقنع الناس أقنعُ |
فماليَ إلاّ تحتَ ظِلِّكَ مَوئلٌ | ولا ليَ إلاّ في رياضك مَرْتَع |
ولا كان لي إلاّ عليك إقامة ٌ | ولاكان لي إلا بربعك مربعُ |
ولا قيَّضَ اللهُ التفرُّقَ عنكمُ | ولا عَنَّ نأيٌ بَيْنَنا وتَصدُّعُ |
فلو أنني ودعتكم يومَ فرقة ٍ | لما كدتُ إلاّ للحياة ِ أودِّعُ |
وإما تكونوا لي وفي طيّ قبضتي | فلست بشئٍ غيركم أتطلعُ |
وإن كنتم لي ناصرين على العدا | فما إنْ أُبالي فرِّقوا أو تجمَّعوا |
وودي لكم لا يستفيق ضمانة ً | وما كنتُ إلاّ بالذي زانَ أولعُ |
يُعنِّفُني قومٌ بأنِّي أُطيعُكمْ | ولم يرضِكمْ إلاّ الذي هُو أطوعُ |
ولم يلحني في نصحكم غير كاشحٍ | وإِلاَّ امرؤٌ في الغِشّ بالغيبِ مولَعُ |
ولو أنصفوا لم يعذِلونيَ في هوى ً | لقلبي لا يلوى ولاهو ينزع |
وقد زعزعوا لكن لمن ليس ينثنى | وقد هددوا لكن لمن ليس يفزعُ |
وكم رَمْيَة ٍ لم تُصْمِ ممَّن رَمى بها | وكم قَولة ٍ من قائلٍ ليس تُسمَعُ |
فإنَّ خِطاراً أنْ تُهيجوا مُفوَّهاً | له كلم تفري البلاد وتقطع |
وما ضرَّني أنّي قُذفتُ بباطلٍ | وما زلتُ عُمْرَ الدهرِ بالحقِّ أصدَعُ |
وما راعني ذاك الذي روعوا به | فلا انتيش من غمائمها المتروعُ |
وإمّا نبا بي أجْرَعٌ فاجتويتُهُ | فلي دونه منا من الله أجرعُ |
فدونَكما فيها مَعانٍ سترتُها | وأنت عليها دون غيرك أوقعُ |
ولم يكنِ التَّعويضُ مِنِّيَ خِيفة ً | ولكنني ما اسطعت للشر أدفعُ |
وكم ليَ في مدحي لكُمْ من قصائدٍ | لهنَّ على الآفاقِ في الأرض مَطْلَعُ |
وهنيت هذا العيد وابق لمثله | وأنف الذي يبغي لك السوء أجدعُ |
تروح وتغدو في الزمان محكماً | على النّاس تعطى من تشاء وتمنعُ |
وغصنك لا يذوي مدا الدهر كلّه | وركنك لا يبلى ولا يتضعضعُ |