ألا يا قومُ للقدرِ المتاحِ
مدة
قراءة القصيدة :
3 دقائق
.
ألا يا قومُ للقدرِ المتاحِ | وللأيّامِ ترغبُ عن جِراحي |
و للدنيا تماطلُ بالرزايا | مطالَ الجربِ للإبلِ الصحاحِ |
تُسالمني ولي فيها خَبِيءٌ | أَغَصُّ عليه بالعَذْبِ القَراحِ |
و يا لملمة ٍ نزعتْ يميني | وَ حصتْ بالقوادمِ منْ جناحي |
فتنتُ بها ومنظرها قبيحٌ | كما فتنَ المتيمُ بالملاحِ |
ألا قلْ للأخاريرِ من قريشٍ | وسُكَّانِ الظّواهِرِ والبِطاحِ: |
هَوَى من بينكمْ جبلُ المعالي | و عرنينُ المكارمِ والسماحِ |
وجبَّ اللهُ غاربَكمْ فكونوا | كظالعة ٍ تحيد عن المراحِ |
يُدَفِّعُها مُسوِّقُها المُعَنَّى | و قد شحطَ الكلالُ عن البراحِ |
وغُضّوا اللَّحْظَ عن شَغَفٍ إليهِ | فما لكُمُ العَشيَّة َ مِنْ طَماحِ |
غُلِبْناهُ كما غُلِبَ ابنُ ليلٍ | و قد سئمَ السهادَ على الصباحِ |
فقلْ لمعاشِرٍ رَهبوا شَباتي | وما تَجني رماحي أو صِفاحي |
رِدُوا من حيثُما شِئْتُمْ جِمامي | فإني اليومَ للأعداءِ ضاحِ |
ورُوموني ولا تخشَوْا قِراعي | فقد أصبحتُ مُستَلَبَ السِّلاحِ |
وقودوني فما أنا في يديكمْ | على ما تَعهدون من الجِماحِ |
و لا تنتظروا مني ارتياحاً | فقد ذهب ابن موسى بارتياحي |
فللسببِ الذي يشجى التزامي | وللسَّببِ الّذي يُسلي اطِّراحي |
لواني ما لواني عن مرادي | وحالَ الدَّهرُ دونَ مَدَى اقتراحي |
فلا دوٌّ تخبُّ به ركابي | و لا جوٌّ تهبُّ به رياحي |
فَمَنْ للخيلِ يقدِمُها مُغِذًّا | ينازعنَ الأعنة َ كالقداحِ ؟ |
ومَنْ للبيضِ يُولِغُها نَجيعًا | من الأعداء في يومِ الكفاحِ ؟ |
ومَنْ للحربِ يُقِدُ في لَظاها | إذا احْتَدَمَتْ أنابيبَ الرِّماحِ؟ |
و منْ لمسربلٍ في القدَّ عانٍ | على وجلٍ يذادُ عن السراحِ ؟ |
ومن للمال يَعْصي فيه بَذْلاً | أساطيرَ العواذلِ " واللواحي " ؟ |
و من لمسوفٍ بالوعد يلوى | ومَطروحٍ عنِ الجَدوى مُزاحِ؟ |
هيَ الدُّنيا تُجَمْجمُ ثمَّ تأتي | مِنَ الأَمْرِ المبرِّحِ بالصِّراحِ |
تنيلُ عطية ً وتردُّ أخرى | و تطوى الجدَّ في عينِِ المزاحِ |
فمنْ يعدى على أمَّ الرزايا | إذا جاءتْ بقاسية ِ الجِراحِ؟ |
سلامُ الله تنقلهُ اللّيالي | و يهديهِ الغدوُّ إلى الرواحِ |
على جدثٍ تشبث من لؤيٍّ | بينبوعِ العبادة والصَّلاحِ |
فتى ً لم يروَ إلاّ من حلالٍ | و لم يكُ زادهُ غيرَ المباحِ |
ولا دَنِسَتْ له أُزُرٌ بعارٍ | ولا عَلِقَتْ له راحٌ براحِ |
خفيفُ الظهرِ من " حملِ " الخطايا | وعُريانُ الصَّحيفة ِ من جُناحِ |
مَسوقٌ في الأمورِ إلى هُداها | ومَدْلولٌ على بابِ النَّجاحِ |
مِنَ القوم الّذين لهمْ قلوبٌ | بذكرِ اللهِ عامرة ُ النَّواحي |
بأجسامٍ من التقوى " مراضٍ " | لمبصرِها وأديانٍ صِحاحِ |
بنى " الآباءِ " قوموا فاندبوهُ | بألسنة ٍ بما " تثنى " فصاحِ |
وإنْ شئتمْ له عَقْرًا فشلُّوا | نفوسَ ذوي اللقاحِ عن اللقاحِ |
أصابَكَ كلُّ مُنْهَمِرٍ دَلوحٍ | " وحاملُ " كلَّ مثقلة ٍ رداحِ |
وروَّاك الغَمامُ الجُون يَسْري | بطيءَ الخَطْوِ كالإِبلِ الرِّزاحِ |
ترابٌ طاب ساكنهُ فباتتْ | تأرَّجُ فيهِ أنفاسُ الرِّياح |
غنيٌّ أنْ تجاورهُ الخزامى | وتُوقَدُ حوله سُرُجُ الأقاحي |