أرشيف المقالات

دولة الكفر وإن تعاظمت فإلى زوال

مدة قراءة المادة : 3 دقائق .
دولة الكفر وإن تعاظمت فإلى زوال
وإن اتسعت فإلى انهيار واضمحلال
 
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴾[1].
 
تأمل قول الله تعالى لرسوله محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ﴿ فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ﴾، لتعلم مدى الانحطاط الذي وصل إليه كثير من البشر على طول تاريخ البشرية!
 
ومما يدل على مدى انحطاط أولئك المكذبين للرسل، أنهم لم يسلم منهم الرسل العظام، فقد ورد لفظ: (رُسُلٌ) نكرة للتفخيم والتعظيم والكثرة، أي: ﴿ فَقَدْ كُذِّبَ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ ﴾، وأي رُسُلٍ رسلٌ عظامٌ، كُذِّبَ نوحٌ وإبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم كثيرٌ.
 
ومما يدل على سفاهة عقولِ أولئك المكذبين للرسل، أنهم ما التفتوا إلى ما معهم من الدلائل الواضحات، والبراهين القاطعات على صدقهم، مع أن الرسل ﴿ جَاءُوا بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَالْكِتَابِ الْمُنِيرِ ﴾، فلم يحتكم أولئك السفهاء إلى عقلٍ ولا إلى منطقٍ، ولا إلى شرعٍ، بل صَمُّوا آذَنَهم عن سَماعِ الحقِ، وعَمُوا عن رؤيته، مع وضوحِ دلائله وظهورِ نوره، وزهوق الباطل واضمحلاله، ومع ذلك حاولوا جاهدين دحضَ الْحَقِّ وَجَادَلُوا فِيهِ بِالْبَاطِلِ، ﴿ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾ [آل عمران: 11]، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَجَادَلُوا بِالْبَاطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ فَأَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ ﴾[2].
 
ومما يدل على سفاهة عقولِ أولئك المكذبين للرسل، اقتفاء أواخرهم آثار أوائلهم في الضلالِ، وسلوكِ سبيلهم في التكذيب، وانتهاجِ نهجهم في العنادِ، كأنهم تواصوا بالكفر؛ وتغافلوا عن عاقبة الذين من قبلهم، وأنهم ﴿ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا ﴾[3].
 
ومما يدل على سفاهة عقولِهم غفلتهم عن السنن الكونية، والنواميس الإلهية، وأن العاقبة دائمًا للمتقين، وأن النصرَ حليفُ المرسلين وأتباعهم؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ كَتَبَ اللَّهُ لأغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ﴾[4].
 
فما أشبه مسلمي الإيغور اليوم ببني إسرائيل بالأمس في الضعف والاضطهاد، وما أحراهم بوعد الله بالنصر والتمكين: ﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ ﴾.[5]
 
وأن دولة الكفر وإن تعاظمت فإلى زوال، وإن اتسعت فإلى انهيار واضمحلال.

[1] سُورَةُ آلِ عِمْرَانَ: الْآيَة/ 184

[2] سُورَةُ غَافِرٍ: الْآيَة/ 5

[3] سُورَةُ مُحَمَّدٍ: الْآيَة/ 10

[4] سُورَةُ الْمُجَادَلَةِ: الآية/ 21

[5] سُورَةُ الْقَصَصِ: الآية/ 5

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٣